من يحاسب المجلس العسكري [1]
"المجلس العسكري" أو" المجلس الأعلي للقوات المسلحة" أو "قيادات الجيش المصري"، مرادفات للسلطة الحاكمة الحالية ، وهى الجهة التى تخلي الرئيس السابق عن سلطاته لصالحها وأعلنت وقف العمل بدستور 1971 بموجب إعلان أو بالأحرى تصريح دستوري فى 13 فبراير2011، ثم هي من طرحت تعديلات على الدستور ثم قامت بإصدار إعلان دستوري جديد.
"المجلس الأعلى للقوات المسلحة " أنشىء لتمكين رئيس الجمهورية من السيطرة على القوات المسلحة من خلال مجلس أعلى يضم كافة تشكيلات القوات المسلحة، وقد أصبح بعد الثورة بيده تسيير كل الأمور.
كان أول ظهور لاسم "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" قبل تخلي الرئيس السابق عن سلطاته مباشرة، وإذاعة خبر اجتماع المجلس دون الرئيس!! ومتابعته للأوضاع، ولم يكن يعلم الكثير عن المجلس ولا عن أنه وفقا للقانون رئيسه هو وزير الدفاع وليس رئيس الجمهورية!!.
رغم تأكيدات المجلس وأعضاءه بأن دورهم سينتهي بنهاية المرحلة الانتقالية و انتخاب كل من رئيس الجمهورية و مجلسي الشعب والشوري، وأنهم سيقومون بتسليم السلطة للسلطات المنتخبة، إلا أن القاعدة الديمقراطية تقول أنها طالما كانت هناك سلطة فلابد أن تكون هناك اليات لكل من المحاسبة والرقابة، وليصبح من المتاح مراقبة ومحاسبة سلطة ما يتعنى علينا النظر الى تلك الجهة وصلاحياتها المختلفة.
بالتالي من المشروع البحث عن السؤال من يحاسب "المجلس الأعلى للقوات المسلحة"؟
يجب التفريق بين العديد من الجهات والقوانين التى تحكم عملهم ودورهم في المرحلة الحالية والسلطات المخولة لهم ليتم من السهل لاحقا طرح اليات للمحاسبة والرقابة لتلك الجهات.
مجلس الدفاع الوطني و المجلس الأعلى للقوات المسلحة
يجب التفرقة بين كل من "مجلس الدفاع الوطني" والمنصوص عليه فى الدستور السابق فى المادة 182 [2]والذي يختص وفقا للنص الدستوري بتأمين سلامة البلاد، وبين "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" والذى أنشىء بموجب قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 4 لسنة 1968 والمسمى "بشأن القيادة والسيطرة على شئون الدفاع والقوات المسلحة" والذي نص فى المادة العاشرة منه على:
"ينشأ مجلس أعلى للقوات المسلحة برئاسة وزير الحربية لدراسة المشاكل الهامة واتخاذ القرارات بشأنها.
ويعين أعضاء المجلس الأعلى بقرار من رئيس الجمهورية"
على الرغم من أن "مجلس الدفاع الوطني"[3] له سلطة على "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" وفقا لنص المادة الأولي من القرار بقانون 4 لسنة 1968 والذي نصت على أن:
"تخول السيطرة على شئون الدفاع عن الدولة إلى رئيس الجمهورية – مجلس الدفاع الوطني – وزارة الحربية "، إلا أنه ولأسباب لم تعلن بعد تم تغييب مجلس الدفاع الوطني [4] لصالح المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذى يرأسه وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة.
من عرض ما سبق يتضح أن تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد ليس له أساس فى الدستور أو القانون وانما يرجع بالأساس لقرار الرئيس السابق بالتخلي عن سلطاته وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة مقاليد إدارة البلاد[5]، ثم الإعلانات الدستورية التى أصدرها المجلس بعد توليه الحكم.
المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونظرية الضرورة والموظف الفعلى
قد يؤسس البعض لسلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على نظريتي الضرورة والموظف الفعلى، على اعتبار أن مصر قد تعرضت خلال الفترة الماضية لظروف استثنائية تبيح الخروج على الشرعية الدستورية وأن تحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى الحياة السياسية هو تصرف على أساس أنه الموظف الفعلى.
استقر الفقه والقضاء على أنه فى الأحوال التى تتعرض لها البلاد لخطر يتهددها مثل الحروب والكوارث الطبيعية والاضطرابات وغيرها يجوز للسلطات الخروج على قواعد الشرعية الدستورية، وذلك استناداً لما يعرف بنظرية الضرورة والتى تعتبر امتداداً لمبدأ روماني قديم يقول" أن سلامة الشعب فوق القانون"، وهذه النظرية يستند إليها أيضا إعلان حالة الطورائ أو الأحكام العرفية.
وقد اعتنق المشرع الدستوري المصري نظرية الضرورة ويمكن أن نجد تطبيقات لها فى الدستور فى المواد 74 (الخاصة بإتخاذ رئيس الجمهورية لإجراءات لحماية الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن)[6]، والمادة 108 (الخاصة بتفويض رئيس الجمهورية بإصدار قرارات لها قوة القوانين )[7]، والمادتين 147 [8]الخاصة بإصدار قرارات فى غيبة مجلس الشعب ،و 148 الخاصة بإعلان حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية [9]
وقد حدد القضاء المصري أربعة أركان – شروط – تقوم عليها نظرية الضرورة وهي[10]:
1- خطر جسيم يهدد النظام والأمن.
2- أن يكون عمل الضرورة الصادر من الإدارة هو الوسيلة الوحيدة لدفع هذا الخطر.
3- أن يكون هذا العمل لازماً ضمناً فلا يزيد على ما تقضي به الضرورة .
4- أن يقوم بهذا العمل الموظف المختص فيما يقوم به من أعمال وظيفته .
بينما يعني بالموظف الفعلى هو "ذلك الشخص الذي تدخل خلافاً للقانون في ممارسة اختصاصات وظيفية عامة متخذاً مظهر الموظف القانوني المختص".
وتجد نظرية الموظف الفعلى الاساس لها فى أحكام مجلس الدولة الفرنسي، وقد تأسست تلك النظرية عندما حكمت محكمة مجلس الدولة الفرنسي بمشروعية الإجراءات التى اتخذها المواطنين الفرنسيين أثناء الاجتياح الإلماني لبلادهم من خلال اللجان التى شكلوها لتسيير الأعمال، على اعتبار ان هؤلاء المواطنين وأن لم يكونوا الموظفين المختصين بتطبيق القانون إلا أنهم فى حكم الموظف الفعلى نظراً للظروف التى تمر بها البلاد.
على الرغم من أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يقول سواء من قريب أو بعيد بأنه يستخدم نظرية الضرورة أو الموظف الفعلى بل على العكس استند لصلاحياته الدستورية فى حماية البلاد وسلامتها فى هذه المرحلة الحرجة[11]، إلا أنه ومن العرض السابق وبتطبيقه على ما حدث فى مصر فأنه لا يجوز التحجج بنظرية الضرورة أو حتى بنظرية الموظف الفعلى من أكثر من زاوية أولها لأن السلطات فى مصر بالفعل تطبق نظرية الضرورة من خلال إعلان حالة الطورائ أو الأحكام العرفية ، وهو ما سنتناوله لاحقا فى هذه الورقة، وثانياً لان شروط تطبيق نظرية الضرورة كما وضعتها أحكام القضاء لا تنطبق بالكامل على حالتنا.
فإذا سلمنا بوجود حالة من الخطر على الأمن والنظام العام فباقي الشروط هي محل جدل كبير وبعضها غير متحقق من الاصل ، فتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد وقيام الأخير بإعلان دستوري لتعطيل الدستور لم يكن هو الخيار الوحيد والسبيل الوحيد أمام السلطة، وذلك لان هذا يفترض عجز الآليات الدستورية والقانونية عن مواجهة الخطر الذي تهدد البلاد وهو أمر محل شك كبير، كما أن أحد الشروط الهامة ( الشرط الثالث ) لقيام نظرية الضرورة هو إلا يتعدي العمل الضرورة وذلك على اعتبار أن هذا العمل هو أمر استثنائي وخروج عن الأصل وهو الأمر الغير متوفر ايضا فى حالتنا، فالأمر تحول من مواجهة ظروف تهدد البلاد لتأسيس سلطة جديدة وشرعية جديدة.
أما نظرية الموظف الفعلي فأن لا يمكن للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يجمع بين استخدام نظرية الضرورة ونظرية الموظف الفعلى لان الأولي تشترط أن يقوم بالعمل الموظف المختص بينما تستند الثانية إلى عدم وجود الموظف المختص والقانوني، وأن كانت هذه النظرية قد تكون سنداً قانونياً وشرعياً لعمل اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة والتى تشكلت بعد قيام الثورة.
على أن حتى وإذا قبلنا بتأسيس سلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على أساس نظرية الضرورة فأن ذلك لا ولن يعفيها من مراقبتها ومحاسبتها وهو ما أكدته أحكام القضاء المصري والتى قالت فى الطعن رقم 587 - لسنــة 5 - تاريخ الجلسة 26 \ 06 \ 1951 - مكتب فني 5 - رقم الجزء 1 - رقم الصفحة 1099 والذي جاء به:
" إن أعمال الضرورة تخضع في جميع الأحوال لرقابة القضاء، ليرى ما إذا كانت أركان الضرورة متوافرة حتى يقوم حق الضرورة وتنتفي المسئولية. فإذا لم تتوافر هذه الأركان فليست هناك ضرورة، ويكون العمل الصادر من الإدارة في هذه الحالة موجباً للمسئولية إذا كان عملاً مادياً، وباطلاً إذا كان قراراً إدارياً."
القوات المسلحة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة:
هناك فرق جوهري بين كل من "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" و" القوات المسلحة "نفسها، ويرجع هذا الفارق لطبيعة الدور الذي يقوم به كل منها فى هذه المرحلة، وهى التفرقة التي تتضح في مواد الإعلان الدستوري الصادر فى 30 مارس 2011 .
بمقارنة المادة 53 والتى تتحدث عن القوات المسلحة[12] ودورها فى حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها وهو نص مستنسخ من دستور 1971 والمادة 56 والتى تنص على صلاحيات واختصاصات المجلس الأعلى للقوات المسلحة.[13]
على الرغم من أن "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" يتشكل من قادة تشكيلات القوات المسلحة ويرأسه القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع، إلا أن المجلس وفقا لهذا الوضع يمثل السلطة التنفيذية، بل أنه ووفقا لصلاحياته فى الإعلان الدستوري يمثل السلطة التشريعية أيضاً، أي أنه لديه سلطة الإدارة(الحكم) والتشريع.
يجب التعامل مع "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" باعتباره النظام السياسي الحاكم الان لمصر ومن ثم فان المطالبة بفرض رقابة عليه ومحاسبته هو أمر هام وضروري فى عمليه بناء الدولة الديمقراطية المدنية، فالمحاسبة والرقابة يجب أن تكون للسلطة الحاكمة وليس للقوات المسلحة، التى يتحدد دورها فى حماية البلاد وسلامة أراضيها.
صلاحيات وسلطات المجلس فى المرحلة الحالية
يترتب على ما تم عرضه عدة نتائج قانونية هامة أولها أن "المجلس الأعلى للقوات المسلحة "يجمع سلطات واسعة فبالإضافة إلى استحواذه على جميع صلاحيات رئيس الجمهورية فى القوانين فان له سلطة تشريعية وإذا ما وضعنا فى الاعتبار سلطات المجلس فى إحالة المدنيين للقضاء العسكري يمكن القول بأن "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" لديه جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
إلا أنه يجب تقييم تصرفات وقرارات" المجلس الأعلى للقوات المسلحة" بميزانين الأول ميزان الدولة القانونية[14] و الثاني هو ضرورة النظر الى هذا الوضع على أنه وضع مؤقت واستثنائي الهدف منه تحقيق الأهداف الكبرى لثورة 25 يناير حتى لا نعيد انتاج الاستبداد مرة أخري متذرعين بحماية الثورة والثوار.
الأحكام العرفية وحالة الطوارئ والمجلس الأعلى للقوات المسلحة
هناك مقولة انتشرت بعد تخلي الرئيس السابق – مبارك – عن سلطاته للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن مصر تطبق الأحكام العرفية عليها فى هذه المرحلة، وهو ما يعني اختصاص القضاء العسكري بنظر جميع القضايا بل وصل الأمر لحد القول بأنه يتم تعطيل القانون فى حالة إعلان الأحكام العرفية.
فى البداية يجب التنويه على أن إعلان الأحكام العرفية هو ذاته إعلان حالة الطوارئ ويقصد به الإعلان الذي تصدره السلطات فى أوقات الكوارث والحروب وبموجب هذا الإعلان يكون للسلطات أن تفرض بعض القيود على حقوق الإفراد لمواجهة ظروف استثنائية تمر بها بلد ما، وينظم إعلان هذه الحالة قانون وهو "قانون الطوارئ" [15]، ونظمه أيضا الدستور المصري 1971 وكذلك الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة[16].
تطبق حالة الطوارئ في مصر بشكل متصل منذ عام 1981 وحتى عام 2012 وقد صدر قرار بمد حالة الطوارئ فى مايو 2011 [17] والذي كان قد صدر من مجلس الشعب المنحل بناء على قرار من حكومة نظيف.
إذن فالأحكام العرفية (حالة الطوارئ) معلنة فى مصر منذ ثلاثون عاماً متواصلين ولم يجد جديد، سوى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أصبح له صلاحيات رئيس الجمهورية فى قانون الطوارئ، وقد استخدم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلان حالة الطوارئ فى عدد من القرارات منها تعيين رئيس مجلس الوزراء الحالي – عصام شرف – نائباً للحاكم العسكري[18]، وكذلك فى المرسوم بقانون الخاص بتجريم التظاهرات والوقفات الأخير[19].
ويطرح هذا الوضع تساؤلا حولا اذا كان إعلان حالة الطوارئ يبيح للسلطة الخروج على القانون وانتهاك حقوق الإنسان؟
وفى هذا تقول المحكمة الدستورية العليا المصرية بان:
أنه لا وجه للاستناد إلى ما كان يجيزه دستور سنة 1923 ودستور سنة 1930 فى المادتين 155، 144 منهما من جواز تعطيل حكم من أحكام الدستور وقتياً فى زمن الحرب أو أثناء قيام الأحكام العرفية للقول بجواز إسقاط حكم من أحكام الدستور فى فترة قيام حالة الطوارئ، ذلك أن إغفال الدساتير المصرية الصادرة منذ دستور سنة 1956 حكم هاتين المادتين - وقد كانت تحت نظر واضعى هذه الدساتير - يدل على أنهم نبذوا هذا الحكم ولم يجيزوا إسقاط أى حكم من أحكام الدستور حتى فى حالة قيام حالة الطوارئ وذلك تأكيداً لمبدأ سيادة الدستور واحترام أحكامه فى الظروف العادية والاستثنائية على السواء. [20]
وباستقراء الحكم السابق فان السلطة التى تطبق الأحكام العرفية أي حالة الطوارئ عليها الالتزام بأحكام الدستور والقانون وأن حالة الطوارئ ليست مبرراً للخروج على الدستور أو انتهاك حقوق الإنسان.
وبالتالي فكل قرارات المجلس يجب أن تراعي هذه المعايير ويترتب على عدم الإلتزام بها عدم شرعيته وقانونية قرارات المجلس، وقد تكون قضيتي إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية والصلاحيات التشريعية للمجلس من القضايا التى أثارت جدلاً فى الفترة الأخيرة، وهي القضايا التى اتخذ المجلس بشأنها قرارات وتصرفات خرج بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة على معايير الدولة القانونية وكذلك أهداف الثورة، وسوف نتناول هاتين القضيتين على النحو التالي:
إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية
وفقا للقانون فانه يمكن إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية فى حالتين الأولى في حال اختصاص المحاكم العسكرية بهذه المحاكمة وفقا لقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 إذا ارتكب المدنيين جرائم داخل معسكرات وثكنات القوات المسلحة أو جرائم متعلقة بشكل مباشر بالقوات المسلحة (المادة 5 من قانون الأحكام العسكرية[21]) والحالة الثانية التى يمكن إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية هي صدور قرار من رئيس الجمهورية بإحالة نظر قضايا أو جرائم معينه للقضاء العسكري (المادة 6 من قانون الأحكام العسكرية[22])وذلك وفقا لصلاحيات رئيس الجمهورية فى قانون الطوارئ.
وفي هذا الاطار يجب أيضا توضيح الفرق بين المحاكم التي تنظر تلك القضايا المختلفة .
المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة طورائ
تتم التفرقة بين المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة طوارئ وذلك استناداً للقانون المنظم لكل منهما فالأول (القضاء العسكري) ينظمه قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966بينما ينظم الثاني قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 ويتمتع رئيس الجمهورية او من ينوب عنه بسلطات واسعة وفقا للقانون فى تشكيل هذه المحاكم.
ويجوز لرئيس الجمهورية وفقا لصلاحياته عند إعلان حالة الطوارئ تعيين ضباط من القوات المسلحة كقضاة بمحاكم أمن الدولة طورائ والمشكلة وفقا لقانون الطوارئ (المادة 7 و8 من قانون الطوارئ).
ولما كان الرئيس السابق وبوصفه الحاكم العسكري قد أصدر أمرا فى نهاية شهر يناير بفرض حظر التجول وكلف القوات المسلحة بتنفيذ القرار وفقا لنص المادة 4 من قانون الطوارئ [23]، ووفقا لهذه المادة تكون القوات المسلحة سلطة تنظيم المحاضر والقبض على المخالفين على أوامر الحاكم العسكري وهذا لا يترتب عليه إحالة المخالفين للقضاء العسكري .
كما لم يتضمن القرار إحالة المخالفين للقضاء العسكري أو تشكيل محاكم خاصة من ضباط القوات المسلحة للنظر فى تلك القضايا، كما أنه منذ تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم يصدر من رئيسه بوصفه الحاكم العسكري أو من نائب الحاكم العسكري الحالي ورئيس الحكومة" الحالية عصام شرف" قرارا بهذا الشأن، فان محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري تكون محاكمات باطله قانوناً وغير شرعية.
ولاقرار نظام دولة القانون يجب عدم احالة المدنيين لتلك المحاكمات من قبل المجلس العسكري واعادة محاكمة كل من مثلوا امام تلك المحاكمات أمام قاضيهم الطبيعي، وهو أمر يملكه رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته له صلاحيات رئيس الجمهورية.
الصلاحيات التشريعية
أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرارات فى الفترة الأخيرة بوصفه سلطه تشريع مجموعة من القرارات اما تختص بتعديل بعض المواد القانونية أو بإصدار مراسيم تشريعية.
في البدء فان جمع سلطه ما بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية أمرا شاذا وغير مقبول فى الدول الديمقراطية والقانونية ويتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، وان كان هناك بد من استخدام هذه الصلاحيات لعدم إنعقاد مجلس الشعب فيجب الحرص أشد الحرص عند استخدام هذه الصلاحية لوضعها الاستشنائي .
كما يجب تقييم تلك القرارات والمراسيم بميزاني كل من الدولة القانونية وأهداف الثورة المصرية كما سلف القول، ورغم أن هذه القرارات والمراسيم قد صدرت بناءا على السلطات المخولة للمجلس بالإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس أيضا!!، إلا أن ذلك لا ينفي ضرورة الرقابة والمحاسبة للمجلس على تلك القرارات.
بمتابعة تلك القرارات يظهر نهج استبدادي فى استخدام المجلس لسلطاته التشريعية، وهو أمر ينذر بالخطر فإصدار مرسوم بتجريم الإضرابات والتجمع السلمي واستخدام إعلان حالة الطوارئ فى تلك التشريعات والمراسيم والتى تخالف القانون و الإعلان الدستوري الحالي والذي كفل حق المصريين فى التجمع السلمي والتعبير، فهي أيضا تعكس نهج واتجاه مخالف ومناقض لتطلعات الشعب المصري والتفاف على أهداف الثورة المصرية
ان استمرت تلك القرارات والاخرى على شاكلتها هى محاولة لتحصين أعمال المجلس الأعلى للقوات المسلحة من النقد مع حرمان المصريين من حقهم فى محاسبة ومراقبة السلطة الحاكمة الأن.
ان مهمة بناء دولة مدنية وديمقراطية قوية هي مهمة شاقة وتحتاج منا جميعا للتضحيات مثلما ضحى المئات من الشهداء بأرواحهم من أجل قيام دولة ديمقراطية مدنية تقوم على العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة الإنسانية، فعلينا الحفاظ على احترام تلك التضحيات من أجل الوصول لتلك الأهداف النبيلة.
أحمد راغب محام ومدير مركز هشام مبارك للقانون
مايو 2011
تنوية: تم نشر هذه الورقة بالكامل على موقع جدلية على هذا الرابط
[1] هذه الورقة هي ملخص دراسة قانونية عن شرعية السلطة فى الفترات الانتقالية
[2] تنص المادة 182 من دستور 1971 على" ينشأ مجلس يسمى "مجلس الدفاع الوطني" ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر في الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ويبين القانون اختصاصاته الأخرى.
[3] نص الإعلان الدستوري أيضا الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة على دور مجلس الدفاع الوطني فى المادة 54 منه والتى جاء بها ينشأ مجلس يسمى " مجلس الدفاع الوطنى " ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر فى الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ويبين القانون إختصاصاته الأخرى .
[4] يتشكل مجلس الدفاع الوطني وزارء الحربية والداخلية والخارجية والمالية والتجارة والصناعة والقائد العام للقوات المسلحة وبرئاسة رئيس الجمهورية وذلك وفقا لقرار رئيس الجمهورية بتشكيل المجلس المنشور بالعدد 74 من الوقائع المصرية بتاريخ 14 سبتمبر 1957.
[5] راجع قرار الرئيس السابق على هذا الرابط http://hmlc-egy.org/files/%20%D8%AA%D8%AE%D9%84%D9%8A%20%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83%20%D8%B9%D9%86%20%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%AA%D9%87.pdf
[6] تنص المادة 74 على:" لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بياناً إلى الشعب، ويجرى الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يوماً من اتخاذها. "
[7] تنص المادة 108 على"لرئيس الجمهورية عند الضرورة وفى الأحوال الاستثنائية وبناء على تفويض من مجلس الشعب بأغلبية ثلثي أعضائه أن يصدر قرارات لها قوة القانون، ويجب أن يكون التفويض لمدة محدودة وأن تبين فيه موضوعات هذه القرارات والأسس التي تقوم عليها، ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب في أول جلسة بعد انتهاء مدة التفويض، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم يوافق المجلس عليها زال ما كان له من قوة القانون .
[8] تنص المادة 147 على " إذا حدث في غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز لرئيس الجمهورية أن يصدر في شأنها قرارات تكون لها قوة القانون. ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها إذا كان المجلس قائماً، وتعرض في أول اجتماع له في حالة الحل أو وقف جلساته، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعى ما كان له من قوة القانون دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، وإذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب على آثارها بوجه آخر.
[9] تنص المادة 148 على "يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال الخمسة عشر يوماً التالية ليقرر ما يراه بشأنه. وإذا كان مجلس الشعب منحلاً يعرض الأمر على المجلس الجديد في أول اجتماع له. وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة، ولا يجوز مدها إلا بموافقة مجلس الشعب.
[10] الطعن رقم 587 - لسنــة 5 - تاريخ الجلسة 26 \ 06 \ 1951 - مكتب فني 5 - رقم الجزء 1 - رقم الصفحة 1099 والذي جاء به:"إن القضاء المصري الإداري والعادي - قد جرى على أن الضرورة لا تقوم إلا بتوافر أركان أربعة: (أولاً) أن يكون هناك خطر جسيم مفاجئ يهدد النظام والأمن. (ثانياً) أن يكون عمل الضرورة الذي صدر من الإدارة هو الوسيلة الوحيدة لدفع هذا الخطر. (ثالثاً) أن يكون هذا العمل لازماً حتماً فلا يزيد على ما تقضى به الضرورة. (رابعاً) أن يقوم بهذا العمل الموظف المختص فيما يقوم به من أعمال وظيفته. وهذه الأركان جميعاً ترجع إلى أصلين معروفين يقضيان بأن الضرورات تبيح المحظورات وأن الضرورة تقدر بقدرها. على أن الضرورة إذا عرض لها المشرع في بعض حالاتها، فنظم أحكامها في هذه الحالات، فلا يجوز للإدارة الخروج على هذه الأحكام."
[11] راجع التصريح الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 13 فبراير والمنشور فى الجريدة الرسمية
[12] مـــــادة 53 :القوات المسلحة ملك للشعب, مهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها , ولا يجوز لأية هيئة أو جماعه إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية , والدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس , والتجنيد إجبارى وفقاً للقانون .. ويبين القانون شروط الخدمة والترقية فى القوات المسلحة .
[13] مـــــادة 56
يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، ولـه فى سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية :
1ـ التشريع .
2ـ إقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها .
3ـ تعيين الأعضاء المعينين فى مجلس الشعب .
4ـ دعوة مجلسى الشعب والشورى لانعقاد دورته العادية وفضها والدعوة لإجتماع غير عادى وفضه .
5ـ حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها .
6ـ تمثيل الدولة فى الداخل والخارج، وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، وتعتبر جزءاً من النظام القانونى فى الدولة .
7ـ تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفاؤهم من مناصبهم .
8ـ تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم على الوجه المبين فى القانون، واعتماد ممثلى الدول الأجنبية السياسيين .
9ـ العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون .
10ـ السلطات والاختصاصات الأخرى المقررة لرئيس الجمهورية بمقتضى القوانين واللوائح .
وللمجلس أن يفوض رئيسه أو أحد أعضائه فى أى من اختصاصاته .
[14] عرفت المحكمة الدستورية العليا مفهوم الدولة القانونية فى الحكم رقم 35 لسنة 17 قضائية دستورية بأنها"وحيث إن الدولة القانونية -محدد مفهومها على ضوء أحكام المواد 1 و 3 و 4 و56 من الدستور، ووفق ماجرى به قضاء هذه المحكمة- هى التى تقرر لمن يقيمون على إقليمها تلك الحقوق والحريات والأساسية التى يتوافق مضمونها مع الضوابط التى التزمتها الدول الديموقراطية باطراد فى مجتمعاتها، واستقر نهجها على التقيد بها فى مظاهر سلوكها على اختلافها، فلا تنزل بالحماية التى توفرها لمن يمارسونها عما يكون لازما لضمان فعاليتها "
.[15] ينظم قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 وقد جاء فى المادة الأولي منه بأنه" يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام فى أراضى الجمهورية أو فى منطقة منها للخطر سواء أكان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات فى الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء
[16] مـــــادة 59 يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، حالة الطوارئ على الوجه المبين فى القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال السبعة أيام التالية ليقرر ما يراه بشأنه ، فإذا تم الإعلان فى غير دور الانعقاد وجبت دعوة المجلس للانعقاد فوراً للعرض عليه وذلك بمراعاة الميعاد المنصوص عليه فى الفقرة السابقة ، وإذا كان مجلس الشعب منحلاً يعرض الأمر على المجلس الجديد فى أول اجتماع له ، ويجب موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب على إعلان حالة الطوارئ ، وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك .
[17] للاطلاع على تغطيات صحفية بخصوص مد حالة الطوارئ http://www.alarabiya.net/articles/2010/05/11/108271.html
[18] راجع أمر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 1 لسنة 2011 والمنشور بالجريدة الرسمية نشر في الجريدة الرسمية - العدد 10 تابع بتاريخ 10 \ 03 \ 2011 بتعيين نائب الحاكم العسكري
[19] راجع المرسوم رقم 34 لسنــة 2011 - نشر في الجريدة الرسمية - العدد 14 مكرر (أ) بتاريخ 12 \ 04 \2011
[20] أنظر الحكم فى الدعوى رقم 5 لسنة 5 قضائية عليا (دستورية) جلسة 3 إبريل سنة 1976 ص 421 - 430 من مجموعة أحكام وقرارات المحكمة العليا - القسم الأول - مجموعة الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية - الجزء الأول: الأحكام الصادرة فى الفترة من إنشاء المحكمة سنة 1970 حتى نهاية نوفمبر 1976 - الطبعة الثانية - القاهرة – 1978.
[21] مادة 5 تسرى احكام هذا القانون على كل من يرتكب احدى الجرائم الاتية:- (أ) الجرائم التى تقع في المعسكرات او الثكنات او المؤسسات او المصانع او السفن او الطائات او المركبات او الاماكن او المحلات التى يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة اينما وجدت . (ب) الجرائم التى تقع على معدات ومهمات واسلحة وذخائر ووثائق واسرار القوات المسلحة وكافة متعلقاتها .
[22] (2) – تسرى احكام هذا القانون على الجرائم المنصوص عليها في البابين الاول والثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات وما يرتبط بها من جرائم والتى تحال الى القضاء العسكرى بقرار من رئيس الجمهورية . ولرئيس الجمهورية متى اعلنت حالة الطوارىء ان يحيل الى القضاء العسكرى اى من الجرائم التى يعاقب عليها قانون العقوبات او اى قانون اخر .
[23] تنص المادة 4 من قانون الطوارئ على "تتولى قوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه . وإذا تولت القوات المسلحة هذا التنفيذ يكون لضابطها ولضباط الصف ابتداء من الرتبة التى يعينها وزير الحربية سلطة تنظيم المحاضر للمخالفات التى تقع لتلك الأوامر .
وعلى كل موظف أو مستخدم عام أن يعاونهم فى دائرة وظيفته أو عمله على القيام بذلك ويعمل بالمحاضر المنظمة فى إثبات مخالفات هذا القانون إلى أن يثبت عكسها ."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق