أحمد راغب
– المحامي وعضو الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان
أكثر من خمسة شهور هم عمر
لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق والتى شكلت بقرار من رئيس الجمهورية، لتقوم
بأثقل مهام الثورة المتمثلة فى جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق فى
وقائع قتل وإصابة المتظاهرين فى الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيه 2012، وما
يستتبع ذلك من تحديد الفاعلين الأصليين والشركاء، وبحث مدى تعاون أجهزة الدولة مع
السلطة القضائية فى قضايا قتل المتظاهرين، وهي المهمة التى تتشابه مع عمل رجال
المباحث فى الأجهزة الأمنية ولكننا كنا مباحث لصالح الثورة وفى خدمتها.
بعد ما أثير فى بعض وسائل
الإعلام عن تقرير لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق، وما انتهي إليه من
نتائج وتوصيات، استخدمت فى سياق الاستقطاب السياسي الحاصل فى المجتمع المصري الأن،
وهو ما قد يفقد عمل اللجنة قيمته، ويؤثر على حق المصريين من معرفة الحقيقة.
سأحاول من خلال تلك السطور أن أدون شهادتي بوصفي
عضو الأمانة العامة للجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق – سأشير إليها فيما
بعد بلجنة تقصي الحقائق –، وفى نفس الوقت أوضح – قدر الإمكان – إليات عمل اللجنة
وطرق حصولها على المعلومات والأدلة، دون التأثير على جهات التحقيق التى تنظر ما
توصلت إليه اللجنة من نتائج وأدلة ودلائل ،أو أن يؤثر ذلك على موقف من تدور حولهم
المسئولية الجنائية والسياسية، وذلك ايماناً منى ومن كل باحث عن العدالة بحق
المجتمع المصري فى معرفة الحقيقة، وصولاً لبناء مصر الجديدة مصر الحرية ..مصر
الكرامة الإنسانية ..مصر العدالة الاجتماعية.
لجنة وطنية مستقلة متطوعة خارج
سياق الاستقطاب السياسي
رغم أن لجنة تقصي الحقائق
كانت تضم فى عضويتها العديد من الاطراف اصحاب الاتجاهات المختلفة، سواء من ممثلي
أجهزة الدولة – ضمت اللجنة ممثلي لأجهزة الشرطة والمخابرات العامة والنيابة العامة
– أو ممثلي أسر الشهداء ومصابي الثورة كأعضاء مراقبين، إلا أن هذا التشكيل لم يكن
عائقاً فى اتفاق وحرص جميع الأعضاء على ضرورة نجاح عمل اللجنة والوصول للحقائق
وتجنيب خلافاتنا السياسية داخل اللجنة، مما ساعد اللجنة على تجاوز طبيعة تشكيلها
والاستفادة منه للمصلحة الوطنية التى تسعي إليها اللجنة وهي الوصول للحقيقة.
كما لم يؤثر صدور قرار
تشكيل اللجنة من رئيس الجمهورية على استقلال اللجنة حتى عن الرئيس نفسه، ولم يحدث
أن تدخل الرئيس فى عمل اللجنة وطريقة عملها أو فى النتائج التى توصلت لها، وهو ما
كان الجميع يحرص عليه منذ اللحظة الأولي لبدء أعمال اللجنة، وقد اتخذت اللجنة منذ
بداية عملها قراراً بأن جميع الجهود التى يقوم بها أعضائها هي جهود تطوعية دون
مقابل، ولم يحصل أي عضو من أعضاء اللجنة العامة أو الأمانة العامة على مقابل مادى
طوال عمل اللجنة.
كيف عملت لجنة تقصي الحقائق؟
أولت اللجنة فى بداية عملها
اهتماماً كبيراً بتنظيم العمل واليات عملها، ففى الاجتماع الأول للجنة تقصي
الحقائق فى يوليو 2012 ،شكلت الأمانة العامة للجنة بقيادة المستشار عمر مروان
وعضوية كلا من اللواء عماد حسين والأستاذ محسن البهنسي والأستاذة راندة سامي فضلا
عن كاتب هذه السطور، كما وافقت اللجنة على اقتراحي بتقسيم الأحداث التى ستعمل
عليها اللجنة، وخلال عملنا فى اللجنة تم إضافة بعض الأحداث والوقائع لعمل اللجنة
ليكون عمل اللجنة فى الأحداث التالية :
- أحداث قتل المتظاهرين وإصابتهم فى الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 11 فبراير 2011
- واقعة فض اعتصام ميدان التحرير فى 8 و 9 إبريل 2011
- واقعة فض اعتصام ميدان التحرير فى 9 مارس 2011
- إحداث السفارة الإسرائيلية فى مايو 2011
- إحداث مسرح البالون فى يونيه 2011
- إحداث مسيرة العباسية فى يوليو 2011
- إحداث فض ميدان التحرير فى أغسطس 2011
- إحداث منشية ناصر فى مارس 2011 .
- إحداث السفارة الإسرائيلية فى أكتوبر 2011
- إحداث ماسبيرو فى 2011
- إحداث محمد محمود فى نوفمبر 2011
- إحداث مجلس الوزراء فى ديسمبر 2011
- إحداث إستاد بورسعيد فى فبراير 2012
- أحداث وزارة الداخلية فى فبراير 2012
- إحداث العباسية فى مايو 2012
- المفقودين فى الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيه 2012 .
- احداث محافظة الإسكندرية فى الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيه 2012 .
- احداث محافظة السويس فى الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيه 2012 .
- احداث محافظة بني سويف فى الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيه 2012 .
- ملف مدى تعاون أجهزة الدولة مع السلطة القضائية.
- ملف قضايا قتل المتظاهرين أمام أقسام الشرطة أثناء الثورة.
وكانت الأمانة العامة للجنة
تقصي الحقائق، هي قلب اللجنة النابض وعقلها المفكر، حيث وضعت الأمانة قواعد العمل
باللجنة والتى تضمنت نظاماً لحماية الشهود، وكان التحدى الأكبر أمام الأمانة
العامة فى بداية عملها هو ضيق الوقت الممنوح للجنة لإنهاء ما أوكل إليها من مهام
بالقرار الجمهوري، فالبحث عن المعلومات والأدلة والحقائق فى جرائم ارتكبت على مدار
أكثر من عام ونصف ليس بالمهمة الهينة، وهي مهام عجز عن تنفيذها جهاز العدالة بكل
ما يمكله من إمكانيات بشرية وفنيه ومادية، وكان مطلوب منا أن ننتهي منه فى شهرين
فقط بحسب نص القرار، ولم يكن عامل الوقت فقط هو ما يشكل تحدياً وأنما أن نصل بقدر
ما نستطيع إلى حقائق ومعلومات وأدلة فى تلك الأحداث ترضي ضمائرنا بالإلتزام بأقصي
درجات المهنية والحيادية والتجرد، وقد تطلب ذلك طلب مد فترة عمل اللجنة وهو ما قد
كان، ليكون موعد الانتهاء من عملها هو 31 ديسمبر 2012.
وتجاوزت الأمانة العامة هذا
التحدى من خلال عدد من القواعد التى وضعتها منها اعتبار تقرير لجنة تقصي الحقائق
السابق – والذى أعلن عنه فى أبريل 2011 – كجزء من عمل هذه اللجنة، ومن ثم فأصبح محل
عمل اللجنة هو البحث عن الوقائع الجديدة أو الأدلة الجديدة.
مجموعات عمل لكل حدث تعمل
بشكل متوازي تحت إشراف الأمانة العامة
شكلت مجموعات العمل لكل
واقعة من الوقائع سالفة البيان وتتكون كل مجموعة عمل من عضو هيئة قضائية ومحام
وناشط وممثل عن الضحايا وإداري، وذلك قدر الإمكان، ونظمت الأمانة العامة تدريباً لهذه
المجموعات حول عمل لجان تقصي الحقائق وكيفية جمع المعلومات والحفاظ على سريتها
وسرية مصدر تلك المعلومات وغير ذلك مما يساعدهم على تنفيذ المهمة الموكولة إليهم
من قبل الأمانة العامة، وأنطلقت مجموعات العمل بقيادة خيره شباب القضاة، للعمل على
الوقائع سالفة الذكر بشكل متوازي، بعد أن وفرت الأمانة العامة لكل مجموعة عمل
المعلومات المتوافرة حول الحدث الخاص بهم، وقامت مجموعات العمل فى بداية عملها
بوضع خطة لعملها مجدولة زمنياً كذلك الإجراءات اللازمة لعملها وعرضتها على الأمانة
العامة للموافقة عليها.
واشرفت الأمانة العامة على
عمل مجموعات العمل طوال عملها من خلال تخصيص اجتماعات أسبوعية لهم مع الأمانة لعرض
ما توصلوا إليه من معلومات ونتائج فى تقريرهم المقدم للأمانة ، ولتذليل العقبات
والمعوقات التى تقف أمام عملهم فضلا عن توجيههم باعتبارهم مجموعات منبثقة عن
الأمانة العامة للجنة، وقد شارك فى عمل تلك المجموعات أكثر من 60 شخص ما بين قاضي –
وهو منسق المجموعة – ومحام وناشط وممثل للضحايا وإداري.
بقدر ما كان يمثله وضع
ممثلين للضحايا وللنشطاء فى مجموعات العمل جنبا إلى جنب القضاة والمحامون تحدى
للأمانة العامة للجنة وعبء فى عملها، إلا أنها كانت خبره جديدة فى عمل لجان تقصي
الحقائق، ففى حدود معلوماتي فأنها المرة الأولي التى يؤخذ بهذا النظام، ويرجع
الفضل فى نجاح هذه التجربة إلى منسقي مجموعات العمل من شباب القضاة والذين كانوا
على قدر المسئولية والمهنية والتجرد، كذلك يجب الآشارة لجهد الأمانة العامة للجنة
فى وضع قواعد العمل ومنها أن ممثلي الضحايا والنشطاء هم مراقبين داخل مجموعة
العمل، كذلك بوضع نظام لتلقي الشكاوي من مجموعات العمل تعرض على الأمانة العامة
للجنة للفصل فيها.
وتحملت مجموعات العمل وخاصة
شباب القضاة العبء الأكبر فى جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق فى الوقائع محل
عمل اللجنة، وقد تكبدوا عناء مشقة السفر وبذلوا الجهد للوصول للحقائق والمعلومات
والأدلة، وقد فعلوا كل ذلك دون مقابل مادى متطوعين فى خدمة الوطن، وقد ضربوا بذلك
المثل الأروع فى تجرد القضاة ومبشرين باستكمال مسيرة لقضاة مصر العظام، واستحقوا
أن يكونوا جنود الحق والعدالة فيما توصلت إليه اللجنة من حقائق ومعلومات وأدلة.
آليه جمع المعلومات
اعتمدت اللجنة على عدد من
الوسائل فى جمع المعلومات منها ما هو رسمي عن طريق طلب معلومات أو مستندات من
الجهات الرسمية الممثلة فى اللجنة أو غيرها، كذلك تلقت اللجنة بيانات وإفادات وشهادات
لشهود العيان أو المصابين أو أهالي الشهداء فى أي من الوقائع التى تحقق فيها
اللجنة، وتشمل كذلك الأدلة المصورة سواء الفوتوغرافية أو الفيلمية، وقد تركت
الأمانة العامة المساحة لكل مجموعة عمل لتحديد الطلبات والوثائق اللازمة لاتمام
عملهم وفقا للخطة الموضوعة.
كتابة التقرير وصياغته
انتهي عمل مجموعات العمل
بتسليم كل مجموعة مذكرة للأمانة العامة تتضمن ملخص للحدث وإجراءات جمع المعلومات
التى اتخذتها مجموعة العمل، والنتائج التى توصلوا لها فى كل حدث من الأحداث التى
تعمل عليها اللجنة، لتبدأ مهمة بالغة الصعوبة للأمانة العامة بالاعتكاف على مراجعة
كافة المذكرات المقدمة من مجموعات العمل وتدقيق المعلومات الواردة بها، وإعادة
صياغتها وكتابتها – بعد مراجعة منسقي المجموعات – وقد استمرت هذه المهمة أسابيع
واصل فيها أعضاء الأمانة العامة للجنة الليل بالنهار حتى تنتهي من مشروع تقرير
اللجنة.
وبعد الانتهاء من مشروع
التقرير أرسلت الأمانة العامة خطابات رسمية لعدد من الجهات تفيد بأننا شارفنا على
الانتهاء من التقرير، لاتاحة الوقت لهم لتقديم معلومات أو مستندات للجنة، وقد
استجابت بعض الجهات وقدمت مذكرات إضافية بحثتها الأمانة العامة، كما قررت الأمانة
العامة تخصيص يوم لأعضاء اللجنة – من خارج الأمانة العامة – للإطلاع على مشروع
التقرير.
وفى جلسة لجنة جمع
المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق الأخيرة المنعقدة يوم الأحد الموافق 30 ديسمبر
2012 عرض مشروع التقرير الذى اعدته الأمانة العامة، وعرضت النتائج والتوصيات
الخاصة بكل حدث من الأحداث التى كانت محل عمل اللجنة، ثم عرضت التوصيات والنتائج
العامة والخاتمة، وتمت الموافقة على مشروع التقرير دون تعديل.
محتويات التقرير
قسم تقرير لجنة تقصي
الحقائق لعدد من الأقسام منها ما يتعلق بالإجراءات التى اتخذتها اللجنة ومدى
قانونية أعمالها ، وقسم يتعلق بالأحداث التى عملت عليها اللجنة والتى تضمنت العديد
من المعلومات والأدلة والدلائل والحقائق الخاصة بكل حدث وتم تحديد دائرة المسئولية
التى تقع على أشخاص – حددتهم اللجنة –كمسئولين عن ارتكاب جرائم، وخصص التقرير ايضا
قسم خاص بالنتائج والتوصيات العامة وهي استخلاص اللجنة للنتائج المشتركة والتى
تشير بشكل رئيسي للسمات والمؤشرات الرئيسية التى استخلصتها اللجنة من جميع الوقائع
التى كانت محل عمل اللجنة، وتوصياتها بشأن تلك النتائج، وأخيراً ختم التقرير برسالة
واضحة مفادها أن المصالحة الوطنية ضرورة ملحة فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، إلا
أن التقرير أكد فى نفس الوقت أن المصالحة لا تجدي نفعاً قبل ان تحدث كشف المعلومات
والمصارحة ويعقب ذلك المحاسبة لمن أرتكب جرائم بحق الشعب المصري، وآشارت خاتمة
التقرير لمشروع قانون مقدم من أحد أعضاء أمانتها العامة وقد تبنته اللجنة بشأن
ضحايا النظام السابق ومحاسبة مجرميه من نوفمبر 1981 وحتى يونيه 2012، من خلال
إنشاء هيئة للمحاسبة والعدالة وهيئة للتعويض وجبر الضرر وإنشاء محاكم الثورة.
النتائج والتوصيات العامة
ما يهم المجتمع فى تقديري واحقاقاً
لحقه فى المعرفة ،هو ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق من نتائج وما طالبت به من
توصيات، وهو الأمر الذي يخرج عن نطاق سرية المعلومات التى وضعتها اللجنة نصب
أعينها، وخاصة وأن تلك النتائج والتوصيات كانت منصبة بشكل رئيسي حول السياسات
العامة للدولة وأجهزتها المختلفة فى التعامل مع المتظاهرين فى أحداث الثورة فى
الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 30 يونيه 2012.
وقد توصلت اللجنة لعدد من
النتائج العامة أبرزها استخدام القوات المشاركة فى التصدى للمتظاهرين والمعتصمين
سواء من الشرطة أو القوات المسلحة للأسلحة النارية والخرطوش فضلا عن استخدام ذات
القوات، لأفراد بزي مدني فى التصدي للمتظاهرين والاعتداء عليهم وقد كان بعض هؤلاء
المدنيين فى عدد من الوقائع يحملون الأسلحة البيضاء والزجاجات الحارقة
(المولوتوف).
كما توصلت اللجنة لنتائج
متعلقة بتعذيب وامتهان الكرامة الإنسانية للمصريين المشاركين فى المظاهرات
والاعتصامات ،وتعرضهم للإعتداءات أثناء وبعد القبض عليهم واحتجازهم بدون وجه حق
واستعمال القسوة والمعاملة المهينة لهم.وخلصت لجنة تقصي الحقائق بنتيجة بأن
المتظاهرات فى العديد من الأحداث قد تعرضت كرامتهن الإنسانية للامتهان وتمثل ذلك
فى عدد من الوقائع منها وقائع كشف العذرية على بعضهم فى السجن الحربي واحتجازهن
بدون وجه حق وتعرضهم للضرب، ودونت اللجنة
أيضا نتيجة تتعلق بالمحاكمات العسكرية للمتظاهرين وتتخلص فى التفرقة بين
المتظاهرين أمام المحاكم المختلفة مما ترتب عليه تباين الأحكام والإجراءات بين
الفريقين وعدم المساواة بينهم، ولا يقدح فى ذلك صدور أحكام بالبراءة أو ايقاف
التنفيذ فالعبره بالمحاكمة العادلة والمنصفة أيا كانت أحكامها.
كما توصلت اللجنة إلى نتيجة
بأن عدد من أجهزة الدولة لم تتعاون مع السلطة القضائية اثناء تحقيقاتها فى وقائع
قتل وإصابة المتظاهرين، وهو ما أدي إلى تقديم قضايا للمحاكم غابت عنها المعلومات
التى اخفتها تلك الأجهزة.
كما لاحظت اللجنة فى أحدي
نتائجها القصور بالقطاع الطبي – سواء المستفيات أو مصلحة الطب الشرعي – فى العديد
من الوقائع وخاصة بالقاهرة والمتثل فى تضارب التقارير والبيانات الطبية الخاصة
بالمصابين والاعتداء علىهم.
ودونت اللجنة فى نتائجها
بأن هناك حالة من حالات فقدان الثقة بين المواطنين وهيئة الشرطة، وأن الأخيرة قد
تعرضت منشأتها فى الأيام الأولي من الثورة للحريق والتلف، ووفاة بعض أفرادها
وإصابتهم فى الايام الأولي للثورة أيضا.ولاحظت اللجنة ايضا استخدام بعض المندسين
بين المتظاهرين لأعمال عنف تجاه قوات الأمن سواء التابعة للشرطة او للقوات
المسلحة.
وأهتم تقرير اللجنة بظاهرة
البلطجة والتى وضعها كأحد النتائج العامة التى توصلت إليها اللجنة، وأشارت فيها
إلى أن تلك الظاهرة قد بدأت عام 2005 من قبل أعضاء الحزب الوطني المنحل بالانتخابات
وأصبح لهم نفوذا فى المجتمع، وبعضهم استخدم من قبل السلطة - سواء تعلقا بها أو مدفوعا على ذلك – فى مواجهة
المتظاهرين والبعض تواجد فى صفوف المتظاهرين سواء كرها فى السلطة ورموزها أو
مدفوعا لذلك.
بينما ركزت توصيات تقرير
لجنة تقصي الحقائق على عدد من المقترحات تراها اللجنة وعلى رأسها بالطبع التحقيق
فى الوقائع والمعلومات والأدلة محل عمل اللجنة وأرسالها لجهات التحقيق القضائية،
كما أهتم التقرير بالتوصية بتوحيد جهة التحقيق والمحاكمة فى جميع الوقائع محل عمل
اللجنة تحقيقا للمساواة والمحاكمة المنصفة ومنعا للتمييز بين أصحاب المراكز
القانونية المتماثلة وتداركا للأحكام المتبابينة بين القضاء المدني والعسكري.
وأولي تقرير اللجنة بعدد من
التوصيات المتعلقة بهيئة الشرطة منها ما يتعلق باستخدام الأسلحة النارية من قبل
قوات الأمن وذلك بالتوصية بتعديل القرار بقانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة
الشرطة والقرار الوزاري رقم 156 لسنة 1964 فى شأن استخدام الأسلحة النارية ليتوافق
مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كما أوصي التقرير بتغيير الملابس
الرسمية لأفراد الشرطة، كذلك ببعض التعديلات المتعلقة بأكاديمة الشرطة لتتوافق مع
المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
كما أوصي التقرير بضرورة
مواجهة ظاهرة البلطجة بتفعيل التشريعات التى تجرم هذه الأعمال.وكذلك أوصي التقرير
بوضع قانون ينظم عمل لجنة تققصي الحقائق.
حقيقة الطرف الثالث
فى تقديري ضمن أهم ما توصلت
إليه اللجنة فى تقريرها هو أنه لا وجود لطرف خفي يقتل المصريين، فما توصلت إليه
اللجنة من نتائج وحقائق فى جميع الوقائع والأحداث التى عملت عليها، ثبت من خلالها
أن هناك طرفين لا ثالث لهما والمتمثلين فى المتظاهرين وأجهزة الدولة المختلفة.
كما يهمني أيضا الآشاره إلى
أن اللجنة لم تتوصل لنتائج تشير لتورط جماعة الإخوان المسلمين فى أعمال عنف ضد
المتظاهرين سواء فى موقعة الجمل فى فبراير 2011 أو فى غيرها من الأحداث التى كانت
محل عمل اللجنة.
تقرير لجنة تقصي الحقائق
ومسئولية الأطراف المختلفة
بانتهاء أعمال لجنة تقصي
الحقائق وتقديم تقريرها، تنتهي مسئولية اللجنة وتبدأ مسئولية جميع الأطراف المختلفة
تجاه ما ورد فى التقرير من نتائج ومعلومات وحقائق، وتتلخص مسئولية هذه الأطراف فى
تقديري فيما يلي:
على رئيس الجمهورية بوصفه مصدر قرار تشكيل لجنة تقصي الحقائق أن يرسل نسخ
من تقرير لجنة تقصي الحقائق - لا تتضمن
أسماء المشتبه بهم والشهود الوارد أسمائهم بالتقرير – لعدد من الجهات المتعلق
عملها بالتقرير مثل مجلس الشوري ومجلس الوزراء والمجلس القومي لرعاية أهالي
الشهداء ومصابي ثورة 25 يناير.
كما أن عليه بوصفه رئيس
السلطة التنفيذية أن يكلف الجهات التنفيذية بوضع خطط لتنفيذ ما ورد بتقرير
لجنة تقصي الحقائق من توصيات ومقترحات، وخاصة ما يتعلق بالأجهزة الأمنية الخاضعة
لرئاسته وتخضع لسلطانه.
على مجلس الشوري بوصفه المجلس التشريعي أن يناقش ما ورد فى تقرير لجنة
تقصي الحقائق وخاصة ما يتعلق بالتعديلات التشريعية اللازمة للمحاسبة والإنصاف
للضحايا، وخاصة إجراء التعديلات التشريعية اللازمة لضمان مثول جميع من تدور حولهم
المسئوليه أمام جهة قضائية واحدة كما أوصي تقرير اللجنة، ويمكن فى سبيل ذلك أن
يعقد جلسات مغلقة مع معدو التقرير لمناقشتهم.
على السلطة القضائية
بأجهزتها المختلفة إتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمحاسبة من يثبت تورطه فى
جرائم ض المصريين وإنصاف الضحايا، وذلك وفقا لمعايير المحاكمات العادلة والمنصفة،
ودون التفرقة بين من تدور حولهم المسئولية فى الوقائع محل عمل لجنة تقصي الحقائق.
على الجماعات والأحزاب السياسية إلا تستخدم تقرير لجنة تقصي الحقائق فى معاركها
السياسية وأن تسمو على الخلافات السياسية الضيقة لإنصاف الشهداء والمصابين ممن كان
لهم الفضل فى اسقاط النظام.
على وسائل الإعلام أن تلتزم
بحقوق الضحايا ومعاناتهم ومساعدتهم في الحصول على حقوقهم ، كما أن عليه أيضا
الالتزام بحقوق وضمانات الأشخاص الخاضعين للتحقيقات أو المحاكمة وفقا للأصول
والقواعد المتعلقة بالمحاكمة العادلة والمنصفة.
على المجتمع المدني عليه مراقبة تنفيذ ما ورد فى تقرير لجنة تقصي الحقائق
من توصيات وضمان تطبيق معايير المحاكمة العادلة والمنصفة،كما أن عليه السعي لضمان
تمثيل الضحايا فى عمليه المحاسبة والمحاكمات ومساعدتهم للوصول للعدالة والإنصاف.
لا مصالحة دون محاسبة
المصالحة المرتكزة على ما
قبلها من مصارحة ومحاسبة للمجرمين، تعود بعدها الأجهزة التنفيذية وخاصة الأمنية
منها لخدمة الشعب وخاضعة لإرادته، هي المصالحة التى ينطلق بعدها أفراد الشعب
المصري لبناء مصر – كل فى موقعه – مصر الحرية .. مصر الكرامة الإنسانية .. مصر
العدالة الاجتماعية.
وبتسلم رئيس الجمهورية –
بوصفه مصدر القرار – لتقرير اللجنة ينتهي عمل اللجنة والذى حاولنا فيه أن نكون
أقرب للحقيقة والثورة،وتبدأ مهمتنا جميعا كجنود وأفراد للثورة المصرية المجيدة.
نشرت هذه الورقة فى جريدة الشروق المصرية بتاريخ 6/1/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق