أحمد راغب – محام وعضو الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان
“أن المصالحة لا تشمل الجيش أو القضاء باعتبارهما مؤسسات وطنية فوق الصراعات، وليست في خصومة مع أي طرف”
بهذه التصريحات المنشورة بموقع جريدة الشروق بتاريخ 21 يوليو 2013 خرج علينا المستشار الإعلامي لرئيس الجمورية"أحمد المسلماني" وذلك قبل أيام من عقد مؤتمر المصالحة الوطنية الذى عقد برعاية مؤسسة الرئاسة، كان من المنتظر أن يعلن فيه عن مسار رسمي للعدالة الانتقالية، إلا أن مؤتمر المصالحة الوطنية الذي غاب عنه فضلا عن القوات المسلحة والقضاء ممثلي الأزهر والكنيسة وممثلي الأحزاب الإسلامية وغيرهم، فكانت النتيجة مثل نتيجة مؤتمر الحوار الوطني الذى عقده الرئيس المعزول "مرسي" لمناقشة تداعيات بناء سد النهضة الأثيوبي..لا شيء.
وقد تعكس تصريحات"المسلماني" – إذا ما تعاملنا معها بحسن نيه – عن قله معلومات عن المراحل الانتقالية فى تاريخ الأمم والشعوب الى تفرض إرادتها لتهدم أنظمة وتبني أنظمة جديدة، كما أنها تعكس بطبيعة الحال تجاهل لحقيقة أن مؤسسات الدولة كانت فى قلب الصراع على مدار عامين ولا تزال.
وقد يكون من المفيد النظر لتصريحات المستشار الإعلامي لرئيس الجمورية بجانب تصريحات أخري لوزير الداخلية "محمد إبراهيم" والتى أعلن فيها عن إعادة مراقبة النشاط السياسي كأحد مهام وزارته وإنكاره لحقيقة ارتكاب بعض رجال الشرطة لجرائم ضد المتظاهرين ، وهو الإعلان المتزامن مع حملة محمومة لشيطنة ثورة 25 يناير 2011 من قبل بعض وسائل الإعلام الحكومي والخاص من خلال ترديد الأكاذيب حول تورط جهات خارجية وجماعة الإخوان المسلمين فى قتل وإصابة المتظاهرين وفتح السجون، وتراخي الدولة – حتى الأن – عن الإعلان عن اللجنة القضائية المكلفة بالتحقيق فى مجزرة دار الحرس الجمهوري.
وحقيقة الأمر أن هذه التصريحات والمواقف من بعض المحسوبين على السلطة الحاكمة، لن يخفي حقيقة أن مؤسسات الدولة لم تتبدل منذ إسقاط الرئيس الأسبق "مبارك" وظلت محل أتهام مشروع من قطاع واسع من المصريين بحماية دولة "مبارك"، وهى الاتهامات التى تفسر أنقلاب أهالي الشهداء وثوار 25 يناير 2011 على الرئيس المعزول "مرسي"، بعد أن حافظ الأخير على هذه المؤسسات دون تغيير، وبعد أن أخلف وعده بإعادة المحاكمات وأسترجاع حقوق الشهداء.
ولا يقتصر القول بتورط مؤسسات الدولة فى الأزمة والصراع السياسي على تخوفات ضحايا نظام "مبارك" فقط، فالنيابة العامة بعد أن حققت فى جزء من تقرير لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق والذى تجاهله الرئيس المعزول وأخفاه دون مبرر، أرفقت مذكرة بقائمة أدلة الثبوت التكميلية وقدمتها لمحاكمة "مبارك" وحبيب العادلي"، تبين لنا مدي بعضاً من أوجه تورط مؤسسات دولة "مبارك".
فوفقا لمذكرة النيابة العامة فأن الدولة المصرية قد سخرت مؤسساتها لقمع المتظاهرين فى أحداث الموجة الأولي من ثورة 25 يناير، بداية من أستخدام سيارات الإسعاف لنقل الذخائر والأمر بقطع الإنترنت وشبكات التليفون المحمول وتكليف وزارة الإعلام ببث دعاية مضادة لمظاهرات يناير 2011، وتكليف وزارة الاتصالات للتعامل مع دعوات التظاهر عبر المواقع الإلكترونية، وصدور أوامر بغلق بعض محطات مترو الأنفاق، كما تضمنت مذكرة النيابة العامة تأكيد على ما توصلت إليه لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق من عدم وجود للطرف الثالث أو تورط عناصر خارجية سواء من حزب الله أو حركة حماس فى جرائم قتل وإصابة المتظاهرين فى يناير 2011 ، وأكدت على تورط أجهزة الدولة فى تلك الجرائم، واستعانتها بالبلطجية لمواجهة المتظاهرين.
أن ثورة 25 يناير 2011 لم تواجه – حتى الآن – اختبارا أقسى من اختبار موجتها الثالثة فى 30 يونيو 2013 ، فالمزاج الشعبي الرافض للرئيس المعزول "محمد مرسي" مثلما نجح فى إزاحه نظام "مرسي" الفاشل ، أعاد تنظيم صفوف دولة مبارك المتجذرة فى مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والقضائية.
لنجد أنفسنا نعيد ذات أسئلة العدالة الانتقالية والتى طرحت منذ 11 فبراير 2011 – بعد نجاحنا فى خلع "مبارك" – وحتى الآن، وهي كيف ننتقل من دولة "مبارك " لنبني دولة ثورة يناير 2011 ؟ ومتي ستفيض الثورة بخيرها على المصريات والمصريين وتحقق مطالبها من كرامة وحرية وعدالة اجتماعية؟، وكيف نحاسب من قتل ونهب أموال المصريين لعشرات السنين؟ ومتي ستصبح أجهزة الدولة ملك للشعب وفى خدمتها وليست أداة للقمع والقتل والفساد؟.
وهى الأسئلة التى ستحاول أن تجيب عنها هذه الورقة من خلال التأكيد على ضرورة البدء وفوراً فى إتخاذ إجراءات العدالة الانتقالية الثورية والتى تجاهلها الرئيس المعزول"مرسي" ومن قبله المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ليس فقط للقصاص لحقوق المصريين وأنما كمدخل صحيح للمصالحة الوطنية ومخرج للأزمة السياسية الراهنة.
العدالة الانتقالية كمخرج ديمقراطي وقانوني للصراع السياسي
المؤكد هو فشل كل من تولي إدارة شئون البلاد خلال الفترة الماضية – سواء المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو نظام "مرسي" – فى الانتقال بنا من دولة مبارك لبناء دولة ثورة يناير 2011 ، بل إن الثابت أنهم ساهموا بكل قوة فى محاولات لإعادة إنتاج دولة الاستبداد والظلم التى ثار عليها المصريين ولايزالوا، وكانت كل محاولة يواجهها المصريون بموجة ثورية –تارة في نوفمبر 2011 وتارة في 30 يونيو 2013 – تطيح بمن بيده الأمور وتعيد طرح الأسئلة على سلطة جديدة.
وتتأهب السلطة الحاكمة الحالية لدخول امتحان ثورة 25 يناير 2011 للإجابة عن أسئلتها، فاما أن تنجح وتقوم ببناء دولة الثورة أو أن يكون مصيرها مثل أسلافها من الإخوان والعسكر.
وكلمة السر فى هذا الامتحان هي العدالة الانتقالية وإجراءاتها فهي الكفيلة والضامنة لإنهاء حالة الاستقطاب السياسي والتهديد بالحرب الأهلية بين المصريين، فكشف الحقائق والاعتراف بجرائم الدولة ومحاسبة مرتكبيها وإصلاح مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها وتعويض الضحايا هو السبيل الوحيد للوصول للمصالحة الوطنية والاستقرار الحقيقي، ومن ثم بناء دولة ثورة 25 يناير 2011.
إلا أننا يجب أن نسلم بوجود بعض الإجراءات التي اتخذت في الفترة الماضية مثل تشكيل لجان رسمية لتقصي الحقائق أو تشكيل مجلس قومي لأهالي الشهداء والمصابين إلا أن هذا لا يعني أن تلك الخطوات كافية، ولكنها خطوات مجتزئة وانتزعت من سياق الإجراءات الواجب إتخاذها لتحقيق منظومة العدالة الانتقالية.
فعلى مدار أكثر من عامين منذ الموجة الأولي من الثورة والعديد من الأصوات تطالب ولا تزال بالبدء وفوراً فى إجراءات عدالة انتقالية تضمن للثورة النجاح وللمجتمع الاستقرار، إلا أنه لم تكن لدى السلطات المتعاقبة إرادة سياسية للاستجابة لهذه الأصوات، وهو ما يفرض تحدي على السلطة الحاكمة الآن أما أن تصدق فيما تقوله بأنها جاءت لتصحيح مسار ثورة 25 يناير 2011 وتبدأ فى إجراءات جادة وواضحة للعدالة الانتقالية، أو لن يكون لها وصفاً سوى أنها انقلابا عسكرياً جاء ليعيد دولة "مبارك" بوجوه جديدة.
إن رهان البعض على إتخاذ أجهزة الدولة التى فضت تحالفها مع منتسبي جماعات الإسلام السياسي لإجراءات ضدهم كمخرج للوضع الحالي وإنهاء الاستقطاب هو رهان خاسر ما لم تشمل تلك الإجراءات فترة حكم مبارك والممتدة ثلاثون عاماً.
فلتحقيق منظومة عدالة انتقالية لتقوم بنقل مصر لدولة ثورة 25 يناير 2011 يجب أن تشمل إجراءات كشف الحقيقة والمحاسبة وإصلاح أجهزة الدولة والتعويض عن الفترة منذ تولي الرئيس الأسبق "مبارك" وحتى تولي الرئيس المنتخب بعد تعديل دستور 2012 المعطل.
كيف ننتقل من دولة مبارك لدولة سيادة القانون
المطلوب من السلطة الحاكمة أن تبدء فى وضع منظومة للعدالة الانتقالية مستفيدة فى ذلك من بعض المجهودات التى تم تجاهلها وأخفائها من قبل الرئيس المعزول"مرسي" ومنها تقرير لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق والمشكلة بالقرار الجمهوري رقم 10 لسنة 2012 ،والذى تضمن خارطة طريق للعدالة الانتقالية تتضمن الإعتراف بجرائم الدولة ومحاسبة كل من تورط من تابعيها فى جرائم ضد المصريين وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وجبر الضرر للضحايا وصولاً للمصالحة الوطنية.
أن ثورة 25 يناير 2011 بموجاتها الثلاثة والتى كان أخرها 30 يونيو 2013 ، تحتاج إلى عدد من الخطوات والإجراءات القانونية التي تحميها وتضمن لها النجاح وإحداث قطيعة مع دولة "مبارك" لتأسس شرعية النظام الجديد، وهي الخطوات والإجراءات التي تشكل في مجملها عدالتنا الثورية التي تؤسس لشرعية نظام 25 يناير وتحميه و ترسي قواعد لنظام دولة القانون .
المقصود بالعدالة الثورية
هي العدالة القائمة على حماية الثورة المصرية وضمان انتقال مصر لتأسيس دولة الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وفى ذات الوقت قائمة على ضمان حقوق أذناب النظام في محاكمة عادلة ومنصفة والتي طالما غابت في ظل عدالة النظام البائد، وفقا لآليات عدالة جنائية لا ترتبط بنظام العدالة الحالي.
من هم ضحايا النظام البائد ومجرميه
ضحايا النظام البائد :
يقصد بمصطلح "الضحايا" كل شخص من الذين أصيبوا بضرر فردي أو جماعي ، بما في ذلك الضرر البدني أو المعاناة النفسية أو الخسارة الاقتصادية، أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم الأساسية ، عن طريق أفعال أو حالات إهمال حتى ولو كانت غير مجرمة في القوانين الجنائية الوطنية، ولكنها تشكل انتهاكات للمعايير حقوق الإنسان الدولية، وذلك منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل .
ويمكن اعتبار شخص ما ضحية ، بصرف النظر عما إذا كان مرتكب الفعل قد عرف أو قبض عليه أو تمت مقاضاته من قبل أو أدين. ويشمل مصطلح "الضحية" أيضا، العائلة المباشرة للضحية الأصلية أو معيليها المباشرين والأشخاص الذين أصيبوا بضرر من جراء التدخل لمساعدة الضحايا في محنتهم أو لمنع الإيذاء.
ويشمل التعريف السابق ضحايا المرحلة الانتقالية وخصوصاً ضحايا المحاكمات العسكرية من المدنيين
المقصود بجرائم النظام البائد
الجرائم التى ارتكبها موظفي الدولة وتسببت فى ضرر فردي أو جماعي للمصريين وانتهكت حقوقهم سواء الشخصية أو السياسية أو الاقتصادية و الاجتماعية أو الثقافية قبل تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل، وتتضمن الجرائم التى ارتكبت كخروج فردي على القانون، أو ارتكبت كجزء من سياسة الدولة تجاه المواطنين باستخدام القانون مثل إصدار قرارات الاعتقال الإداري.
مجرمي النظام البائد
ويقصد به كل شخص طبيعى – أرتكب الجرائم الواردة فى الفقرة السابقة – تولى مناصب تنفيذية أو إشرافية فى أيا من مؤسسات الدولة الإدارية أو الأمنية أو الرقابية او من استخدموهم من خلال مواردهم المالية او موارد الدولة للقيام بجرائم مثل البلطجية، وسواء كانت تلك المؤسسات تتبع أي من السلطات التشريعية أو القضائية أو التنفيذية، وذلك منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل .
كيف نبني عدالتنا الثورية
يعتمد نظام العدالة الثورية عى ثلاث هيئات أولهم هيئة للمحاسبة والعدالة والشكاوي والثانية هيئة للتعويض والثاثة والأخيرة هي محكمة جنايات الثورة ،وتعمل الهيئات الثلاثة على مراحل متتابعة، وذلك على النحو التالي:
أولاً:هيئة المحاسبة و العدالة
هي هيئة منوط بها تلقي البلاغات و الشكاوى المتعلقة بالنظام السياسي السابق منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل ، و يكون لهذه الهيئة مقار في العاصمة والمحافظات ولديها وسائل اتصالات معلومة ومعلن عنها.
تقوم الهيئة بتلقي البلاغات والشكاوي المتعلقة بالنظام السياسي السابق منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل
ويكون للهيئة تلقي الشكاوي الخاصة بانتهاكات حقوق المصريين المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
كما تقوم تلك الهيئة بإعداد ملفات لمجرمي النظام وفقا للأصول القانونية الإجرائية المنصوص عليها فى هذا القانون وتسترشد في عملها باتفاقيات ومواثيق حقوق الإنسان الدولية وبالاستعانة بمنظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية المعنية، على أن تنتهي مهمة هذه الهيئة بمحاكمة المتهمين.
تشكيل الهيئة
تتكون الهيئة من قضاة حاليين وسابقين وبعض الشخصيات العامة محل التوافق المجتمعي بشرط ألا يكونوا قد تولوا أي مناصب تنفيذية في النظام البائد أو معروفين بولائهم للنظام البائد ، على أن تقوم تلك الهيئة بإعلان نتائج التحقيقات على الرأي العام عن طريق اذاعة نتيجة التحقيقات في وسائل الاعلام المصرية مثل القنوات التليفزيونية المصرية و الجرائد القومية.،
وينتدب المجلس الأعلى للقضاء عن طريق الأنتخاب وفحص السجلات قضاة تحقيق لإحالة المتهمين في هذه الجرائم للمحاكمه طبقاً لهذا القانون ، وفقا لنص المادة 65 من قانون الإجراءات الجنائية.
ثانياً: هيئة تعويض الشهداء والمصابين وضحايا من النظام البائد
تتولي هذه الهيئة حصر المستحقين للتعويضات سواء من الشهداء والمصابين والمضارين من النظام البائد منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل.
تؤول جميع أموال الغرامات والمصادرات التي تحكم بها المحاكم المختلفة ضد رموز النظام السابق لهذه الهيئة لتقوم من خلالها بصرف التعويضات وفقا لنظام معلن وشفاف وواضح للرأي العام.
وتحل الهيئة محل المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء ومصابي ثورة 25 يناير بعد تسليمة لجميع ملفات الشهداء و المصابين الى الهيئة سالفة الذكر وتؤل جميع أمواله إلى تلك الهيئة.
وتعتمد تلك الهيئة على ثلاث مبادئ وهي التعويض ورد الحق والمساعدة
ثالثا: محكمة الثورة
تختص تلك المحكمة بمحاكمة المسئولين في النظام البائد والذين يصدر قرارا بإحالتهم للمحاكمة بقرار من قضاة التحقيق في هيئة المحاسبة والعدالة سالفة الذكر، وتشكل تلك المحكمة من القضاة الطبيعيين والذي يصدر قرارا بتعيينهم من المجلس الأعلى للقضاء بعد وفحص سجلاتهم وانتخابهم من الجمعية العمومية لقضاة محاكم الاستئناف.
على أن تعتمد المحكمة على التشريعات المصرية والمواثيق الدولية وخاصة ما يتعلق بانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الاختفاء القسري والتعذيب وغيرها من الاتفاقيات الدولية.
على أن ينص في إنشاء المحكمة بوجود درجة استئنافية لتلك المحكمة يتشكل من قضاة يصدر بتشكيلهم قرارا من المجلس الأعلى للقضاء.
وتعتمد المحكمة على القانون العام قانون العقوبات المصري أو القوانين الخاصة الطبيعية وكذلك على المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة في حالة خلو القانون المصري وعلى الأخص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والتي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 25 الدورة الخامسة والخمسون المؤرخ في 15 تشرين الثاني/نوفمبر2000 والي صدقت عليها مصر عام 2004 .
العزل السياسي
يكون لمحكمة جنايات الثورة الاختصاص بنظر قضايا إفساد الحياة السياسية المنصوص عليها فى القانون رقم 344 لسنة 1952 وتعديلاته، وتمثل جهات التحقيق المنصوص عليها فى هذا القانون الإدعاء العام فى هذه القضايا.
كما يحق لمحكمة جنايات الثورة الحكم بعقوبة العزل السياسي المنصوص عليها فى المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 بشأن إفساد الحياة السياسية على مجرمي النظام البائد.
ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة فى محكمة جنايات الثورة
يتمتع المتهمين والمحالين للمحاكمة والمحكوم عليهم بالمعاملة الإنسانية التي تحفظ كرامتهم وتحميهم من التعذيب أو انتزاع الاعتراف كما يتمتع هؤلاء الأشخاص بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة والمنصوص عليها في القوانين المصرية وكذلك في الاتفاقيات والإعلانات الدولية ذات الصلة.
رابعا: المبادئ الحاكمة لهذه الهيئات والمحاكم
• لا يجوز لأي شخص كان يتولي منصب تنفيذي في النظام البائد أن يشترك بأي شكل من الأشكال في هذه عضوية هذه الهيئات أو المحاكم، ويخضع جميع المشتركين فى الهيئات لفحص السجلات.
• تعتمد تلك الهيئات والمحاكم على المعايير الدولية للمحاكمات العادلة والمنصفة بما فى ذلك الحق في الدفاع وعلانية المحاكمات والحق في الاستئناف وغيرها من ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة.
• تعمل تلك الهيئات والمحاكم على تحقيق العدالة والمحاسبة للفترة من عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل ،على أن تكون الأولوية للجرائم الأحدث على أن يتم تقسيم تلك الفترة زمنياً وكذلك وفقا للملفات ووفقا لضحايا النظام البائد.
الإجراءات التحفظية والاحترازية
يجوز لتلك الهيئات إصدار قرارات بوقف بعض المتهمين عن العمل أو اتخاذ إجراءات احترازية مثل العزل الوظيفي لضمان عدم التأثير في الشهود أو العبث بالأدلة على أن يتاح للمتهمين أو الصادر بحقه هذه الإجراءات الطعن عليها.
إتاحة المعلومات والوثائق وعدم التدخل فى عمل الهيئات ومحكمة جنايات الثورة
على أجهزة الدولة وخاصة التنفيذية أو الأمنية أو القضائية القيام بما يلي:
• عدم التدخل في عمل تلك الهيئات وضمان استقلالها الإداري والمالي، وضمان تنفيذ القرارات الصادرة عن تلك الهيئات دون التدخل فيها.
• أتاحه كافة المعلومات والوثائق المتعلقة بالانتهاكات الموجودة في أجهزة الدولة المختلفة وخصوصاً الأجهزة الأمنية والرقابية أو المعلومات التي يحتفظ بها الموظفين والمسئولين بالدولة، لتلك الهيئات والمحاكم، والتى يطلبها الضحايا.
القضايا المنظورة
تقوم النيابة العامة والنائب العام بإحالة جميع القضايا والتحقيقات المنظورة أمام النيابة العامة أو أي جهة أخري المتعلقة بجرائم النظام السابق سواء المتعلقة بنهب أموال الشعب والفساد الاقتصادي أو جرائم بحقوق المصريين إلى الهيئات والمحاكم المنصوص عليها فى هذا القانون، ولها أن تضيف بعض التهم أو تعيد التحقيق في بعض الأمور التي تم تجاهلها في التحقيقات السابقة.
طريقة اختيار قضاة محكمة جنايات الثورة
يضع المجلس الأعلى للقضاء بالتعاون مع هيئة المحاسبة والعدالة نظاماً لاختيار القضاة أعضاء محكمة جنايات الثورة وكذلك قضاة التحقيق، وذلك بعد فحص سجلاتهم وفقا للمبادئ العامة الحاكمة للهيئات المذكورة فى هذا القانون.
خطوات ممكنة وضرورية لنجاح ثورتنا المجيدة
لنجاح إجراءات العدالة الانتقالية يجب على السلطة الحاكمة وجميع القوي الفاعلة بالمجتمع أن تقوم بأدوار لضمان هذه العملية وأولهم رئيس الدولة والذى عليه أن يقوم بما يلي:
1- الإعتذار بوصفه رئيس البلاد والرئيس الأعلي للقوات المسلحة للمواطنات والمواطنين من ضحايا النظام البائد عما أرتكبته بعض هيئات الدولة وموظفيها الذين من المفترض فيهم أن يقوموا بخدمة المواطنات والمواطنين، على أن يكون هذا الإعتذار علني ويتضمن ضمانات بملاحقة المتسببين فى هذه الانتهاكات وعدم تكرارها.
2- سحب الأوسمة والنياشين التى منحها رئيس الجمهورية السابق لبعض قادة المجلس العسكري، من المتورطين فى جرائم ضد المصريين.
3- إصدار قانون العدالة الثورية، وقانون إعادة هيكلة الشرطة وقانون ضحايا المحاكمات العسكرية، وهي القوانين التى تجاهلها نظام "مرسي"، وذلك بعد إصدار تعديل للإعلان الدستوري الصادر فى يوليو 2013 بإلغاء المادة 20 منه والتى تمنع تعديل قوانين الهيئات والجهات القضائية خلال فترة سريان الإعلان الدستوري.
4- إصدار مرسوم بقانون بإلغاء المرسوم رقم 45 لسنة 2011 والصادر فى 10/5/2011 والذي أدخل مادة جديدة وهي المادة الثامنة مكرر (أ) لقانون القضاء العسكري والتى بموجبها منح القضاء العسكري الحق بالنظر فى قضايا الفساد والكسب الغير المشروع التى يتهم فى ضباط القوات المسلحة حتى ولو أحيلوا للتقاعد.
5- إصدار مرسوم بقانون بإلغاء المرسوم 4 لسنة 2012 ، والذي اضاف مادتان جديدتان برقمي 7 مكررًا, 66 مكررًا لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، ، وبمقتضي هذا المرسوم فأنه يجوز للمستثمرين أن يتصالحوا فى الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.
6- إصدار قرار بوصفه رئيس السلطة التنفيذية بوقف جميع المتورطين فى جرائم ضد المصريين عن العمل وخاصة الأعضاء منهم فى هيئة الشرطة المدنية أو فى القوات المسلحة.
7- عدم التدخل في عمل تلك الهيئات وضمان استقلالها الإداري والمالي، وضمان تنفيذ القرارات الصادرة عن تلك الهيئات دون التدخل فيها، وإصدار القرارات أو المراسيم اللازمة لضمان أداء دورها باستقلال وبحياديه، كما عليه أن يتيح لتلك الهيئات والمحاكم كافة المعلومات والوثائق المتعلقة بالانتهاكات سواء الموجودة في أجهزة الدولة المختلفة وخصوصاً الأجهزة الأمنية والرقابية أو المعلومات التي يحتفظ بها الموظفين والمسئولين بالدولة.
لجنة الخبراء ولجنة الخمسين: على اللجان المختصة بوضع التعديلات على دستور 2012 المعطل أن تتبني المادة الدستورية التى اقترحتها مجموعة وراكم بالتقرير ، بما يضمن عدم إفلات مجرمي النظام البائد من العقاب، وعدم سقوط جرائمهم بالتقادم.
ونصها كالتالي:
" الجرائم التى ارتكبها موظفو الدولة أو تابعوهم وتسببت فى ضرر فردى أو جماعى للمصريين وانتهكت حقوقهم سواء الشخصية أو السياسية أو الاقتصادية و الاجتماعية أو الثقافية، قبل إنتخاب رئيس للجمهورية بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل ، جرائم لا تسقط عنها الدعوى الجنائية ولا المدنية بالتقادم ولا يجوز فيها التصالح و للمضرور من تلك الجرائم إقامة الدعوى الجنائية عنها بالإدعاء المباشر، وتضمن الدولة ملاحقة مرتكبيها قضائياً من خلال محكمة خاصة يتولى الحكم فيها قضاة طبيعيين يتم اختيارهم وفقاً للقانون،دون الإخلال بمعايير المحاكمة العادلة والمنصفة، ولهذه المحكمة دون غيرها الحكم بالعزل السياسي بما يضمن تحقيق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير.
ينظم القانون إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والقضاء والإعلام الحكومى، بما يضمن تحقيق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير، كما تكفل الدولة جبر الضرر لضحايا النظام البائد على أسس التعويض ورد الحق والمساعدة.
ويُصدِر مجلس النواب خلال ستين يوماً من أول إنعقاد له جميع القوانين المتعلقة بالعدالة الإنتقالية لتحقيق ما ورد بنص هذه المادة"
الجهاز القضائي والأمنى: عليهم التعاون مع الهيئات والمحاكم الخاصة بمحاكمة رموز ومسئولي النظام البائد، كما أن عليهم اتاحه كافة البيانات والمعلومات والقضايا الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان في الفترة الماضية.
المجتمع المدني: عليه دورين الأول مراقبة تلك الهيئات في عملها ومدى التزامها بإنصاف حقوق الضحايا وتحقيق العدالة وضمان تطبيق معايير المحاكمة العادلة والمنصفة، والدور الثاني هو توعية وتدريب أعضاء الهيئات المختلفة خاصة القضائية على دليل للمعايير الخاصة بإنصاف حقوق الضحايا وضمانات المحاكمات العادلة والمنصفة، ومحاولة تنظيم الضحايا وضمان وصول أصواتهم لتلك الهيئات ومساعدتهم للوصول للعدالة والإنصاف.
وسائل الإعلام على الإعلام أن يتوقف عن شيطنة ثورة 25 يناير 2011 وأن يلتزم بالمهنية ويمكن المجتمع من الرقابة على هذه الهيئات وقدرتها على القيام بدورها، كما أن عليه أيضا الالتزام بحقوق الضحايا ومعاناتهم ومساعدتهم في الحصول على حقوقهم والوصول إلى تلك الهيئات، كما أن عليه أيضا الالتزام بحقوق وضمانات الأشخاص الخاضعين للتحقيقات أو المحاكمة وفقا للأصول والقواعد المتعلقة بالمحاكمة العادلة والمنصفة.
أن إعادة طرح ملف العدالة الانتقالية لتتبناه السلطة الحاكمة والقوي الفاعلة بالمجتمع للبدء فوراً فى إجراءاتها، هو المدخل الصحيح والوحيد للخروج من الأزمة الحالية وفى نفس الوقت الضمانة لعدم خروج هذه السلطة عن مسار ثورة 25 يناير 2011، وتحولها لإنقلاب عسكري لن يقضي عليه سوي موجة رابعة من ثورتنا المجيدة.
بهذه التصريحات المنشورة بموقع جريدة الشروق بتاريخ 21 يوليو 2013 خرج علينا المستشار الإعلامي لرئيس الجمورية"أحمد المسلماني" وذلك قبل أيام من عقد مؤتمر المصالحة الوطنية الذى عقد برعاية مؤسسة الرئاسة، كان من المنتظر أن يعلن فيه عن مسار رسمي للعدالة الانتقالية، إلا أن مؤتمر المصالحة الوطنية الذي غاب عنه فضلا عن القوات المسلحة والقضاء ممثلي الأزهر والكنيسة وممثلي الأحزاب الإسلامية وغيرهم، فكانت النتيجة مثل نتيجة مؤتمر الحوار الوطني الذى عقده الرئيس المعزول "مرسي" لمناقشة تداعيات بناء سد النهضة الأثيوبي..لا شيء.
وقد تعكس تصريحات"المسلماني" – إذا ما تعاملنا معها بحسن نيه – عن قله معلومات عن المراحل الانتقالية فى تاريخ الأمم والشعوب الى تفرض إرادتها لتهدم أنظمة وتبني أنظمة جديدة، كما أنها تعكس بطبيعة الحال تجاهل لحقيقة أن مؤسسات الدولة كانت فى قلب الصراع على مدار عامين ولا تزال.
وقد يكون من المفيد النظر لتصريحات المستشار الإعلامي لرئيس الجمورية بجانب تصريحات أخري لوزير الداخلية "محمد إبراهيم" والتى أعلن فيها عن إعادة مراقبة النشاط السياسي كأحد مهام وزارته وإنكاره لحقيقة ارتكاب بعض رجال الشرطة لجرائم ضد المتظاهرين ، وهو الإعلان المتزامن مع حملة محمومة لشيطنة ثورة 25 يناير 2011 من قبل بعض وسائل الإعلام الحكومي والخاص من خلال ترديد الأكاذيب حول تورط جهات خارجية وجماعة الإخوان المسلمين فى قتل وإصابة المتظاهرين وفتح السجون، وتراخي الدولة – حتى الأن – عن الإعلان عن اللجنة القضائية المكلفة بالتحقيق فى مجزرة دار الحرس الجمهوري.
وحقيقة الأمر أن هذه التصريحات والمواقف من بعض المحسوبين على السلطة الحاكمة، لن يخفي حقيقة أن مؤسسات الدولة لم تتبدل منذ إسقاط الرئيس الأسبق "مبارك" وظلت محل أتهام مشروع من قطاع واسع من المصريين بحماية دولة "مبارك"، وهى الاتهامات التى تفسر أنقلاب أهالي الشهداء وثوار 25 يناير 2011 على الرئيس المعزول "مرسي"، بعد أن حافظ الأخير على هذه المؤسسات دون تغيير، وبعد أن أخلف وعده بإعادة المحاكمات وأسترجاع حقوق الشهداء.
ولا يقتصر القول بتورط مؤسسات الدولة فى الأزمة والصراع السياسي على تخوفات ضحايا نظام "مبارك" فقط، فالنيابة العامة بعد أن حققت فى جزء من تقرير لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق والذى تجاهله الرئيس المعزول وأخفاه دون مبرر، أرفقت مذكرة بقائمة أدلة الثبوت التكميلية وقدمتها لمحاكمة "مبارك" وحبيب العادلي"، تبين لنا مدي بعضاً من أوجه تورط مؤسسات دولة "مبارك".
فوفقا لمذكرة النيابة العامة فأن الدولة المصرية قد سخرت مؤسساتها لقمع المتظاهرين فى أحداث الموجة الأولي من ثورة 25 يناير، بداية من أستخدام سيارات الإسعاف لنقل الذخائر والأمر بقطع الإنترنت وشبكات التليفون المحمول وتكليف وزارة الإعلام ببث دعاية مضادة لمظاهرات يناير 2011، وتكليف وزارة الاتصالات للتعامل مع دعوات التظاهر عبر المواقع الإلكترونية، وصدور أوامر بغلق بعض محطات مترو الأنفاق، كما تضمنت مذكرة النيابة العامة تأكيد على ما توصلت إليه لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق من عدم وجود للطرف الثالث أو تورط عناصر خارجية سواء من حزب الله أو حركة حماس فى جرائم قتل وإصابة المتظاهرين فى يناير 2011 ، وأكدت على تورط أجهزة الدولة فى تلك الجرائم، واستعانتها بالبلطجية لمواجهة المتظاهرين.
أن ثورة 25 يناير 2011 لم تواجه – حتى الآن – اختبارا أقسى من اختبار موجتها الثالثة فى 30 يونيو 2013 ، فالمزاج الشعبي الرافض للرئيس المعزول "محمد مرسي" مثلما نجح فى إزاحه نظام "مرسي" الفاشل ، أعاد تنظيم صفوف دولة مبارك المتجذرة فى مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والقضائية.
لنجد أنفسنا نعيد ذات أسئلة العدالة الانتقالية والتى طرحت منذ 11 فبراير 2011 – بعد نجاحنا فى خلع "مبارك" – وحتى الآن، وهي كيف ننتقل من دولة "مبارك " لنبني دولة ثورة يناير 2011 ؟ ومتي ستفيض الثورة بخيرها على المصريات والمصريين وتحقق مطالبها من كرامة وحرية وعدالة اجتماعية؟، وكيف نحاسب من قتل ونهب أموال المصريين لعشرات السنين؟ ومتي ستصبح أجهزة الدولة ملك للشعب وفى خدمتها وليست أداة للقمع والقتل والفساد؟.
وهى الأسئلة التى ستحاول أن تجيب عنها هذه الورقة من خلال التأكيد على ضرورة البدء وفوراً فى إتخاذ إجراءات العدالة الانتقالية الثورية والتى تجاهلها الرئيس المعزول"مرسي" ومن قبله المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ليس فقط للقصاص لحقوق المصريين وأنما كمدخل صحيح للمصالحة الوطنية ومخرج للأزمة السياسية الراهنة.
العدالة الانتقالية كمخرج ديمقراطي وقانوني للصراع السياسي
المؤكد هو فشل كل من تولي إدارة شئون البلاد خلال الفترة الماضية – سواء المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو نظام "مرسي" – فى الانتقال بنا من دولة مبارك لبناء دولة ثورة يناير 2011 ، بل إن الثابت أنهم ساهموا بكل قوة فى محاولات لإعادة إنتاج دولة الاستبداد والظلم التى ثار عليها المصريين ولايزالوا، وكانت كل محاولة يواجهها المصريون بموجة ثورية –تارة في نوفمبر 2011 وتارة في 30 يونيو 2013 – تطيح بمن بيده الأمور وتعيد طرح الأسئلة على سلطة جديدة.
وتتأهب السلطة الحاكمة الحالية لدخول امتحان ثورة 25 يناير 2011 للإجابة عن أسئلتها، فاما أن تنجح وتقوم ببناء دولة الثورة أو أن يكون مصيرها مثل أسلافها من الإخوان والعسكر.
وكلمة السر فى هذا الامتحان هي العدالة الانتقالية وإجراءاتها فهي الكفيلة والضامنة لإنهاء حالة الاستقطاب السياسي والتهديد بالحرب الأهلية بين المصريين، فكشف الحقائق والاعتراف بجرائم الدولة ومحاسبة مرتكبيها وإصلاح مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها وتعويض الضحايا هو السبيل الوحيد للوصول للمصالحة الوطنية والاستقرار الحقيقي، ومن ثم بناء دولة ثورة 25 يناير 2011.
إلا أننا يجب أن نسلم بوجود بعض الإجراءات التي اتخذت في الفترة الماضية مثل تشكيل لجان رسمية لتقصي الحقائق أو تشكيل مجلس قومي لأهالي الشهداء والمصابين إلا أن هذا لا يعني أن تلك الخطوات كافية، ولكنها خطوات مجتزئة وانتزعت من سياق الإجراءات الواجب إتخاذها لتحقيق منظومة العدالة الانتقالية.
فعلى مدار أكثر من عامين منذ الموجة الأولي من الثورة والعديد من الأصوات تطالب ولا تزال بالبدء وفوراً فى إجراءات عدالة انتقالية تضمن للثورة النجاح وللمجتمع الاستقرار، إلا أنه لم تكن لدى السلطات المتعاقبة إرادة سياسية للاستجابة لهذه الأصوات، وهو ما يفرض تحدي على السلطة الحاكمة الآن أما أن تصدق فيما تقوله بأنها جاءت لتصحيح مسار ثورة 25 يناير 2011 وتبدأ فى إجراءات جادة وواضحة للعدالة الانتقالية، أو لن يكون لها وصفاً سوى أنها انقلابا عسكرياً جاء ليعيد دولة "مبارك" بوجوه جديدة.
إن رهان البعض على إتخاذ أجهزة الدولة التى فضت تحالفها مع منتسبي جماعات الإسلام السياسي لإجراءات ضدهم كمخرج للوضع الحالي وإنهاء الاستقطاب هو رهان خاسر ما لم تشمل تلك الإجراءات فترة حكم مبارك والممتدة ثلاثون عاماً.
فلتحقيق منظومة عدالة انتقالية لتقوم بنقل مصر لدولة ثورة 25 يناير 2011 يجب أن تشمل إجراءات كشف الحقيقة والمحاسبة وإصلاح أجهزة الدولة والتعويض عن الفترة منذ تولي الرئيس الأسبق "مبارك" وحتى تولي الرئيس المنتخب بعد تعديل دستور 2012 المعطل.
كيف ننتقل من دولة مبارك لدولة سيادة القانون
المطلوب من السلطة الحاكمة أن تبدء فى وضع منظومة للعدالة الانتقالية مستفيدة فى ذلك من بعض المجهودات التى تم تجاهلها وأخفائها من قبل الرئيس المعزول"مرسي" ومنها تقرير لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق والمشكلة بالقرار الجمهوري رقم 10 لسنة 2012 ،والذى تضمن خارطة طريق للعدالة الانتقالية تتضمن الإعتراف بجرائم الدولة ومحاسبة كل من تورط من تابعيها فى جرائم ضد المصريين وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وجبر الضرر للضحايا وصولاً للمصالحة الوطنية.
أن ثورة 25 يناير 2011 بموجاتها الثلاثة والتى كان أخرها 30 يونيو 2013 ، تحتاج إلى عدد من الخطوات والإجراءات القانونية التي تحميها وتضمن لها النجاح وإحداث قطيعة مع دولة "مبارك" لتأسس شرعية النظام الجديد، وهي الخطوات والإجراءات التي تشكل في مجملها عدالتنا الثورية التي تؤسس لشرعية نظام 25 يناير وتحميه و ترسي قواعد لنظام دولة القانون .
المقصود بالعدالة الثورية
هي العدالة القائمة على حماية الثورة المصرية وضمان انتقال مصر لتأسيس دولة الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وفى ذات الوقت قائمة على ضمان حقوق أذناب النظام في محاكمة عادلة ومنصفة والتي طالما غابت في ظل عدالة النظام البائد، وفقا لآليات عدالة جنائية لا ترتبط بنظام العدالة الحالي.
من هم ضحايا النظام البائد ومجرميه
ضحايا النظام البائد :
يقصد بمصطلح "الضحايا" كل شخص من الذين أصيبوا بضرر فردي أو جماعي ، بما في ذلك الضرر البدني أو المعاناة النفسية أو الخسارة الاقتصادية، أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم الأساسية ، عن طريق أفعال أو حالات إهمال حتى ولو كانت غير مجرمة في القوانين الجنائية الوطنية، ولكنها تشكل انتهاكات للمعايير حقوق الإنسان الدولية، وذلك منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل .
ويمكن اعتبار شخص ما ضحية ، بصرف النظر عما إذا كان مرتكب الفعل قد عرف أو قبض عليه أو تمت مقاضاته من قبل أو أدين. ويشمل مصطلح "الضحية" أيضا، العائلة المباشرة للضحية الأصلية أو معيليها المباشرين والأشخاص الذين أصيبوا بضرر من جراء التدخل لمساعدة الضحايا في محنتهم أو لمنع الإيذاء.
ويشمل التعريف السابق ضحايا المرحلة الانتقالية وخصوصاً ضحايا المحاكمات العسكرية من المدنيين
المقصود بجرائم النظام البائد
الجرائم التى ارتكبها موظفي الدولة وتسببت فى ضرر فردي أو جماعي للمصريين وانتهكت حقوقهم سواء الشخصية أو السياسية أو الاقتصادية و الاجتماعية أو الثقافية قبل تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل، وتتضمن الجرائم التى ارتكبت كخروج فردي على القانون، أو ارتكبت كجزء من سياسة الدولة تجاه المواطنين باستخدام القانون مثل إصدار قرارات الاعتقال الإداري.
مجرمي النظام البائد
ويقصد به كل شخص طبيعى – أرتكب الجرائم الواردة فى الفقرة السابقة – تولى مناصب تنفيذية أو إشرافية فى أيا من مؤسسات الدولة الإدارية أو الأمنية أو الرقابية او من استخدموهم من خلال مواردهم المالية او موارد الدولة للقيام بجرائم مثل البلطجية، وسواء كانت تلك المؤسسات تتبع أي من السلطات التشريعية أو القضائية أو التنفيذية، وذلك منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل .
كيف نبني عدالتنا الثورية
يعتمد نظام العدالة الثورية عى ثلاث هيئات أولهم هيئة للمحاسبة والعدالة والشكاوي والثانية هيئة للتعويض والثاثة والأخيرة هي محكمة جنايات الثورة ،وتعمل الهيئات الثلاثة على مراحل متتابعة، وذلك على النحو التالي:
أولاً:هيئة المحاسبة و العدالة
هي هيئة منوط بها تلقي البلاغات و الشكاوى المتعلقة بالنظام السياسي السابق منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل ، و يكون لهذه الهيئة مقار في العاصمة والمحافظات ولديها وسائل اتصالات معلومة ومعلن عنها.
تقوم الهيئة بتلقي البلاغات والشكاوي المتعلقة بالنظام السياسي السابق منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل
ويكون للهيئة تلقي الشكاوي الخاصة بانتهاكات حقوق المصريين المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
كما تقوم تلك الهيئة بإعداد ملفات لمجرمي النظام وفقا للأصول القانونية الإجرائية المنصوص عليها فى هذا القانون وتسترشد في عملها باتفاقيات ومواثيق حقوق الإنسان الدولية وبالاستعانة بمنظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية المعنية، على أن تنتهي مهمة هذه الهيئة بمحاكمة المتهمين.
تشكيل الهيئة
تتكون الهيئة من قضاة حاليين وسابقين وبعض الشخصيات العامة محل التوافق المجتمعي بشرط ألا يكونوا قد تولوا أي مناصب تنفيذية في النظام البائد أو معروفين بولائهم للنظام البائد ، على أن تقوم تلك الهيئة بإعلان نتائج التحقيقات على الرأي العام عن طريق اذاعة نتيجة التحقيقات في وسائل الاعلام المصرية مثل القنوات التليفزيونية المصرية و الجرائد القومية.،
وينتدب المجلس الأعلى للقضاء عن طريق الأنتخاب وفحص السجلات قضاة تحقيق لإحالة المتهمين في هذه الجرائم للمحاكمه طبقاً لهذا القانون ، وفقا لنص المادة 65 من قانون الإجراءات الجنائية.
ثانياً: هيئة تعويض الشهداء والمصابين وضحايا من النظام البائد
تتولي هذه الهيئة حصر المستحقين للتعويضات سواء من الشهداء والمصابين والمضارين من النظام البائد منذ عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل.
تؤول جميع أموال الغرامات والمصادرات التي تحكم بها المحاكم المختلفة ضد رموز النظام السابق لهذه الهيئة لتقوم من خلالها بصرف التعويضات وفقا لنظام معلن وشفاف وواضح للرأي العام.
وتحل الهيئة محل المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء ومصابي ثورة 25 يناير بعد تسليمة لجميع ملفات الشهداء و المصابين الى الهيئة سالفة الذكر وتؤل جميع أمواله إلى تلك الهيئة.
وتعتمد تلك الهيئة على ثلاث مبادئ وهي التعويض ورد الحق والمساعدة
ثالثا: محكمة الثورة
تختص تلك المحكمة بمحاكمة المسئولين في النظام البائد والذين يصدر قرارا بإحالتهم للمحاكمة بقرار من قضاة التحقيق في هيئة المحاسبة والعدالة سالفة الذكر، وتشكل تلك المحكمة من القضاة الطبيعيين والذي يصدر قرارا بتعيينهم من المجلس الأعلى للقضاء بعد وفحص سجلاتهم وانتخابهم من الجمعية العمومية لقضاة محاكم الاستئناف.
على أن تعتمد المحكمة على التشريعات المصرية والمواثيق الدولية وخاصة ما يتعلق بانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الاختفاء القسري والتعذيب وغيرها من الاتفاقيات الدولية.
على أن ينص في إنشاء المحكمة بوجود درجة استئنافية لتلك المحكمة يتشكل من قضاة يصدر بتشكيلهم قرارا من المجلس الأعلى للقضاء.
وتعتمد المحكمة على القانون العام قانون العقوبات المصري أو القوانين الخاصة الطبيعية وكذلك على المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة في حالة خلو القانون المصري وعلى الأخص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والتي اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 25 الدورة الخامسة والخمسون المؤرخ في 15 تشرين الثاني/نوفمبر2000 والي صدقت عليها مصر عام 2004 .
العزل السياسي
يكون لمحكمة جنايات الثورة الاختصاص بنظر قضايا إفساد الحياة السياسية المنصوص عليها فى القانون رقم 344 لسنة 1952 وتعديلاته، وتمثل جهات التحقيق المنصوص عليها فى هذا القانون الإدعاء العام فى هذه القضايا.
كما يحق لمحكمة جنايات الثورة الحكم بعقوبة العزل السياسي المنصوص عليها فى المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 بشأن إفساد الحياة السياسية على مجرمي النظام البائد.
ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة فى محكمة جنايات الثورة
يتمتع المتهمين والمحالين للمحاكمة والمحكوم عليهم بالمعاملة الإنسانية التي تحفظ كرامتهم وتحميهم من التعذيب أو انتزاع الاعتراف كما يتمتع هؤلاء الأشخاص بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة والمنصوص عليها في القوانين المصرية وكذلك في الاتفاقيات والإعلانات الدولية ذات الصلة.
رابعا: المبادئ الحاكمة لهذه الهيئات والمحاكم
• لا يجوز لأي شخص كان يتولي منصب تنفيذي في النظام البائد أن يشترك بأي شكل من الأشكال في هذه عضوية هذه الهيئات أو المحاكم، ويخضع جميع المشتركين فى الهيئات لفحص السجلات.
• تعتمد تلك الهيئات والمحاكم على المعايير الدولية للمحاكمات العادلة والمنصفة بما فى ذلك الحق في الدفاع وعلانية المحاكمات والحق في الاستئناف وغيرها من ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة.
• تعمل تلك الهيئات والمحاكم على تحقيق العدالة والمحاسبة للفترة من عام 1981 وحتى تاريخ تولي رئيس الجمهورية المنتخب بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل ،على أن تكون الأولوية للجرائم الأحدث على أن يتم تقسيم تلك الفترة زمنياً وكذلك وفقا للملفات ووفقا لضحايا النظام البائد.
الإجراءات التحفظية والاحترازية
يجوز لتلك الهيئات إصدار قرارات بوقف بعض المتهمين عن العمل أو اتخاذ إجراءات احترازية مثل العزل الوظيفي لضمان عدم التأثير في الشهود أو العبث بالأدلة على أن يتاح للمتهمين أو الصادر بحقه هذه الإجراءات الطعن عليها.
إتاحة المعلومات والوثائق وعدم التدخل فى عمل الهيئات ومحكمة جنايات الثورة
على أجهزة الدولة وخاصة التنفيذية أو الأمنية أو القضائية القيام بما يلي:
• عدم التدخل في عمل تلك الهيئات وضمان استقلالها الإداري والمالي، وضمان تنفيذ القرارات الصادرة عن تلك الهيئات دون التدخل فيها.
• أتاحه كافة المعلومات والوثائق المتعلقة بالانتهاكات الموجودة في أجهزة الدولة المختلفة وخصوصاً الأجهزة الأمنية والرقابية أو المعلومات التي يحتفظ بها الموظفين والمسئولين بالدولة، لتلك الهيئات والمحاكم، والتى يطلبها الضحايا.
القضايا المنظورة
تقوم النيابة العامة والنائب العام بإحالة جميع القضايا والتحقيقات المنظورة أمام النيابة العامة أو أي جهة أخري المتعلقة بجرائم النظام السابق سواء المتعلقة بنهب أموال الشعب والفساد الاقتصادي أو جرائم بحقوق المصريين إلى الهيئات والمحاكم المنصوص عليها فى هذا القانون، ولها أن تضيف بعض التهم أو تعيد التحقيق في بعض الأمور التي تم تجاهلها في التحقيقات السابقة.
طريقة اختيار قضاة محكمة جنايات الثورة
يضع المجلس الأعلى للقضاء بالتعاون مع هيئة المحاسبة والعدالة نظاماً لاختيار القضاة أعضاء محكمة جنايات الثورة وكذلك قضاة التحقيق، وذلك بعد فحص سجلاتهم وفقا للمبادئ العامة الحاكمة للهيئات المذكورة فى هذا القانون.
خطوات ممكنة وضرورية لنجاح ثورتنا المجيدة
لنجاح إجراءات العدالة الانتقالية يجب على السلطة الحاكمة وجميع القوي الفاعلة بالمجتمع أن تقوم بأدوار لضمان هذه العملية وأولهم رئيس الدولة والذى عليه أن يقوم بما يلي:
1- الإعتذار بوصفه رئيس البلاد والرئيس الأعلي للقوات المسلحة للمواطنات والمواطنين من ضحايا النظام البائد عما أرتكبته بعض هيئات الدولة وموظفيها الذين من المفترض فيهم أن يقوموا بخدمة المواطنات والمواطنين، على أن يكون هذا الإعتذار علني ويتضمن ضمانات بملاحقة المتسببين فى هذه الانتهاكات وعدم تكرارها.
2- سحب الأوسمة والنياشين التى منحها رئيس الجمهورية السابق لبعض قادة المجلس العسكري، من المتورطين فى جرائم ضد المصريين.
3- إصدار قانون العدالة الثورية، وقانون إعادة هيكلة الشرطة وقانون ضحايا المحاكمات العسكرية، وهي القوانين التى تجاهلها نظام "مرسي"، وذلك بعد إصدار تعديل للإعلان الدستوري الصادر فى يوليو 2013 بإلغاء المادة 20 منه والتى تمنع تعديل قوانين الهيئات والجهات القضائية خلال فترة سريان الإعلان الدستوري.
4- إصدار مرسوم بقانون بإلغاء المرسوم رقم 45 لسنة 2011 والصادر فى 10/5/2011 والذي أدخل مادة جديدة وهي المادة الثامنة مكرر (أ) لقانون القضاء العسكري والتى بموجبها منح القضاء العسكري الحق بالنظر فى قضايا الفساد والكسب الغير المشروع التى يتهم فى ضباط القوات المسلحة حتى ولو أحيلوا للتقاعد.
5- إصدار مرسوم بقانون بإلغاء المرسوم 4 لسنة 2012 ، والذي اضاف مادتان جديدتان برقمي 7 مكررًا, 66 مكررًا لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، ، وبمقتضي هذا المرسوم فأنه يجوز للمستثمرين أن يتصالحوا فى الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.
6- إصدار قرار بوصفه رئيس السلطة التنفيذية بوقف جميع المتورطين فى جرائم ضد المصريين عن العمل وخاصة الأعضاء منهم فى هيئة الشرطة المدنية أو فى القوات المسلحة.
7- عدم التدخل في عمل تلك الهيئات وضمان استقلالها الإداري والمالي، وضمان تنفيذ القرارات الصادرة عن تلك الهيئات دون التدخل فيها، وإصدار القرارات أو المراسيم اللازمة لضمان أداء دورها باستقلال وبحياديه، كما عليه أن يتيح لتلك الهيئات والمحاكم كافة المعلومات والوثائق المتعلقة بالانتهاكات سواء الموجودة في أجهزة الدولة المختلفة وخصوصاً الأجهزة الأمنية والرقابية أو المعلومات التي يحتفظ بها الموظفين والمسئولين بالدولة.
لجنة الخبراء ولجنة الخمسين: على اللجان المختصة بوضع التعديلات على دستور 2012 المعطل أن تتبني المادة الدستورية التى اقترحتها مجموعة وراكم بالتقرير ، بما يضمن عدم إفلات مجرمي النظام البائد من العقاب، وعدم سقوط جرائمهم بالتقادم.
ونصها كالتالي:
" الجرائم التى ارتكبها موظفو الدولة أو تابعوهم وتسببت فى ضرر فردى أو جماعى للمصريين وانتهكت حقوقهم سواء الشخصية أو السياسية أو الاقتصادية و الاجتماعية أو الثقافية، قبل إنتخاب رئيس للجمهورية بعد إقرار التعديلات على دستور 2012 المعطل ، جرائم لا تسقط عنها الدعوى الجنائية ولا المدنية بالتقادم ولا يجوز فيها التصالح و للمضرور من تلك الجرائم إقامة الدعوى الجنائية عنها بالإدعاء المباشر، وتضمن الدولة ملاحقة مرتكبيها قضائياً من خلال محكمة خاصة يتولى الحكم فيها قضاة طبيعيين يتم اختيارهم وفقاً للقانون،دون الإخلال بمعايير المحاكمة العادلة والمنصفة، ولهذه المحكمة دون غيرها الحكم بالعزل السياسي بما يضمن تحقيق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير.
ينظم القانون إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والقضاء والإعلام الحكومى، بما يضمن تحقيق أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير، كما تكفل الدولة جبر الضرر لضحايا النظام البائد على أسس التعويض ورد الحق والمساعدة.
ويُصدِر مجلس النواب خلال ستين يوماً من أول إنعقاد له جميع القوانين المتعلقة بالعدالة الإنتقالية لتحقيق ما ورد بنص هذه المادة"
الجهاز القضائي والأمنى: عليهم التعاون مع الهيئات والمحاكم الخاصة بمحاكمة رموز ومسئولي النظام البائد، كما أن عليهم اتاحه كافة البيانات والمعلومات والقضايا الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان في الفترة الماضية.
المجتمع المدني: عليه دورين الأول مراقبة تلك الهيئات في عملها ومدى التزامها بإنصاف حقوق الضحايا وتحقيق العدالة وضمان تطبيق معايير المحاكمة العادلة والمنصفة، والدور الثاني هو توعية وتدريب أعضاء الهيئات المختلفة خاصة القضائية على دليل للمعايير الخاصة بإنصاف حقوق الضحايا وضمانات المحاكمات العادلة والمنصفة، ومحاولة تنظيم الضحايا وضمان وصول أصواتهم لتلك الهيئات ومساعدتهم للوصول للعدالة والإنصاف.
وسائل الإعلام على الإعلام أن يتوقف عن شيطنة ثورة 25 يناير 2011 وأن يلتزم بالمهنية ويمكن المجتمع من الرقابة على هذه الهيئات وقدرتها على القيام بدورها، كما أن عليه أيضا الالتزام بحقوق الضحايا ومعاناتهم ومساعدتهم في الحصول على حقوقهم والوصول إلى تلك الهيئات، كما أن عليه أيضا الالتزام بحقوق وضمانات الأشخاص الخاضعين للتحقيقات أو المحاكمة وفقا للأصول والقواعد المتعلقة بالمحاكمة العادلة والمنصفة.
أن إعادة طرح ملف العدالة الانتقالية لتتبناه السلطة الحاكمة والقوي الفاعلة بالمجتمع للبدء فوراً فى إجراءاتها، هو المدخل الصحيح والوحيد للخروج من الأزمة الحالية وفى نفس الوقت الضمانة لعدم خروج هذه السلطة عن مسار ثورة 25 يناير 2011، وتحولها لإنقلاب عسكري لن يقضي عليه سوي موجة رابعة من ثورتنا المجيدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق